بالرفع والنصب (١) فمن قرأ {فَرِيقٌ} بالرفع فهو مبتدأ والخبر في المجرور، ومن قرأ بالنصب نصبه على الحال، وقد وصفهم في الآية بالاجتماع بقوله:{يَوْمَ الْجَمْعِ} ووصفهم بالتفرق عند استقرارهم في داري السعادة والشقاوة.
{لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً} أي: لو شاء مشيئة اختيار، ولكنه شاء ضلالهم، قال:{مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ}(٢) ومعنى الاستفهام في قوله: {أَمِ} الإنكار.
{فَاللهُ هُوَ الْوَلِيُّ} وهو وحده قادر على إحياء الموتى خلاف ما دعوه من الأصنام إلها. {وَهُوَ عَلى كُلِّ} ممكن {قَدِيرٌ،}{وَمَا اخْتَلَفْتُمْ} أنتم والكفار في شيء من أمور الديانات فعلمه مفوض إلى الله وحده. وقيل:{وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ} فتحاكموا فيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تحكموا فيه غيره. وقيل: وما اختلفتم فيه من معاني القرآن فاعرضوه على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فما وافق ذلك فهو الحق. وقيل: وما اختلفتم فيه من علم لا يطلع عليه العباد فقولوا: الله أعلم، وذلك كمعرفة الروح. {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} الآية (٣). ولا يجوز حمله على الخلاف في الفقهيات؛ لأن الاجتهاد لا يجوز بحضرة الرسول صلى الله عليه وسلم.
{جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} من جنسكم {أَزْواجاً وَمِنَ الْأَنْعامِ} أي: من أنفسها {أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ} ينثركم {فِيهِ} في هذا التدبير. {لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} له مفاتيح خزائنها، وهو من باب التمثيل؛ شبه بمن سلمت له مفاتيح ملك فهو يتصرف فيه. {وَيَقْدِرُ}
(١) قرأ جمهور القراء "فريق" وقرأ زيد بن علي "فريقا". تنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٥٠٩)، تفسير القرطبي (١٦/ ٦)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٧٥)، فتح القدير للشوكاني (٤/ ٥٢٧)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٤٦١). (٢) سورة الأنعام، الآية (٣٩). (٣) سورة الإسراء، الآية (٨٥).