سلقوكم بألسنة حداد وطلبوا الشركة في المغانم؛ فأكذبهم الله - تعالى - بأنه هو العالم بما في صدور هؤلاء، وبما في صدور جميع العالمين ثم هدد هؤلاء الكفار بقوله:{وَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا} أي: ليجازينهم. قوله:{وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ} أمروا أنفسهم بحمل خطاياهم، أي: تتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم ونرى بعض [المتسمين بالإسلام من يستن بأولئك، فإذا رأى صاحبه مترددا](١) في الإقدام على أمر عظيم، فيقول له صاحبه: افعل هذا وإثمك في عنقي. فربما اغتر به (٢).
ويروى: أن أبا جعفر المنصور طلب منه رجل حوائج فلما قضاها له قال: يا أمير المؤمنين بقيت الحاجة العظمى، وهي الشفاعة لي في الآخرة. فقال له عمرو بن عبيد (٣): يا أمير المؤمنين لا تغتر بهؤلاء؛ فإنهم قطاع الطريق في المأمن. وسماهم كاذبين؛ إما لأنهم أشبهوا الكاذبين في مخالفة أقوالهم لأفعالهم، وإما لأنهم قالوا ذلك وقلوبهم على خلافه كالكاذبين.
(١) ما بين المعقوفين بياض في الأصل، وأثبتناه من الكشاف (٣/ ٤٤٤). (٢) ذكره الزمخشري في الكشاف (٣/ ٤٤٤). (٣) هو عمرو بن عبيد بن باب التيمي بالولاء أبو عثمان البصري شيخ المعتزلة في عصره ومفتيها وأحد الزهاد المشهورين له رسائل وخطب وكتب منها: التفسير والرد على القدرية. توفي سنة ١٤٤ هـ. تنظر ترجمته في: البداية والنهاية (١٠/ ٧٨)، تاريخ بغداد (١٢/ ١٦٦)، وفيات الأعيان (١/ ٣٨٤).