قوله:{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصّالِحِينَ} إما أن يكون في قوم من المسلمين سيئاتهم مكفّرة بالحسنات، وإما قوم من المشركين آمنوا فمعاصيهم تكفر بالإسلام.
{وَوَصَّيْنَا} بمعنى عهدنا. {حُسْناً} أي: أمرا ذا حسن، أو جعل الوصية الحسنى؛ مبالغة. ويجوز أن يكون حسنا مفعولا بفعل مضمر، أي: أوصل إليهما حسنا؛ كما تقول: ضربا. إذا أمرت شخصا بالضرب. قيل: نزلت في سعد بن أبي وقاص، وامتناع أمّه أن يظلها سقف حتى يكفر بمحمد (١). وقيل: في عياش بن أبي ربيعة، خدعه أخواه، وقالا: ارجع إلى أمك؛ فإنها في شدّة لفراقك، فرجع معهما قاصدا مكة؛ فربطاه، وضربه كلّ واحد منهما مائة سوط، ورجعا به إلى أمه؛ فقالت: لا يزال في عذاب حتى يرجع عن دينه (٢). {فِي الصّالِحِينَ} في زمرتهم، ووصف الصلاح من أتم الأوصاف، قال في إبراهيم:{وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصّالِحِينَ}(٣).
وقال يوسف:{تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصّالِحِينَ}(٤) أو في مدخل الصالحين وهو الجنة؛ كقوله:{وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ .. }. الآية (٥).
قوله عز وجل:{وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنّا}(١٧٥ /ب) فإذا آذاه المشركون أطاعهم برجوعه إلى الشرك وهو المراد بقوله: {جَعَلَ فِتْنَةَ النّاسِ كَعَذابِ اللهِ وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ}
(١) رواه مسلم رقم (٤٤٣٢)، والترمذي رقم (٣١١٣)، والطبري في تفسيره (٢٠/ ١٣١). (٢) نسبه الزيلعي في تخريج الأحاديث والآثار التي في الكشاف (٣/ ٤٢) للبزار في مسنده ولابن هشام في السيرة عن ابن إسحاق. (٣) سورة البقرة، الآية (١٣٠). (٤) سورة يوسف، الآية (١٠١). (٥) سورة النساء، الآية (٦٩).