{رَدِفَ لَكُمْ} ردف: يتعدى بنفسه، ولا يجوز دخول اللام على المفعول المتأخر من فعل متعد، وزيدت اللام في {لَكُمْ} كزيادة الباء؛ كما في قوله:{وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ}(١) وقد يعدى ب "من"(١٦٨ /أ) كقول الشاعر [من الطويل]:
فلما ردفنا من عمير وصحبه ... تولوا سراعا والمنية تعنق (٢)
أو ضمن {رَدِفَ} معنى فعل يتعدى باللام؛ نحو: دنا. من عادة الملوك إذا اطلعوا على نصيحة عبد لهم قالوا: يكون الخير، وطب نفسا فيطمئن إلى ذلك وينزله منزلة الوعد الصريح، وكذلك جرت عادة ملك الملوك وهو الله عز وجل، يرد ب "عسى" و "لعل" وليستا من التصريح في شيء. الفضل والفاضلة والإفضال معناه: وإن ربك لذو فضل على عباده بتأخير العقوبة. يقال: كننت الشيء وأكننته. {وَما مِنْ غائِبَةٍ} وكذلك خافية أي: ما من قضية، والتاء فيهما للمبالغة؛ كالعلامة والنسّابة؛ كالتاء في الذبيحة والنطيحة، المعنى: ما من شيء شديد الغيبة والخفاء إلا وهو معلوم عند الله.
لما بعث عيسى - عليه السلام - اختلفت الملل فيه، فاتبعه قوم وكذبه آخرون، وقذفه وأمّه آخرون، فأنزل القرآن بيان ما هو الحق في ذلك. {وَإِنَّهُ} وإن القرآن لهدى ورحمة لمن آمن منهم أو من غيرهم. قوله:{يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ} أي: بعدله؛ لأنه لا يحكم إلا بالعدل؛ فيسمى المحكوم به حكما مع أنه لا يجوز أن يقال: ضرب زيد بضربه، ولا قتل بقتله؛ لأن المعنى فيهما واحد؛ بخلاف قوله:(يقضي بحكمه).