ومعنى {اِدّارَكَ عِلْمُهُمْ} تكامل، وتدارك: تتابع واستحكم ومعناه: أن النظر قد أدّى إلى أن قيام الساعة من جملة الحكمة، وأنه حق لا ريب فيه وهم في شك من ذلك. {عَمُونَ} عن إدراكه، يريد: الكفار ونسبهم إلى السماوات والأرض؛ لأن من كان في أحد شيئين فهو فيهما؛ كما تقول: بنو فلان، قالوا وفعلوا، {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً}(١) والقاتل عدد قليل، ومعنى الكلام أنه نفي لعلمهم واستهزاء بهم؛ كما تقول للجاهل: ما أعلمك؛ تستهزئ به، يعني أنهم قد علموا الدليل الدالّ على وجوب قيام الساعة، فما أجهلهم؛ حيث أنكروا الطريق الدال عليها.
وفي {اِدّارَكَ} و {اِدّارَكَ} معنى آخر وهو أن يكون بمعنى فني؛ يقال: أدركت الثمرة إذا تناهت لأنها عند ذلك تعدم، وقد قال الحسن: إن معناه اضمحل (٢)، ويقال: تدارك بنو فلان، إذا تتابعوا في الهلاك {فِي الْآخِرَةِ} أي: في شأنها، ومعنى {بَلِ} وتكرارها:
الانتقال من أمر إلى أمر، لا إبطال الأول.
فإن قلت: قدّم في هذه الآية {هذا} على {نَحْنُ وَآباؤُنا} وفي آية أخرى قدّم {نَحْنُ وَآباؤُنا} على {هذَا}(٣)؟ قلت: العرب تقدم ما هم ببيانه أعنى؟
{وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمّا يَمْكُرُونَ} الضّيق والضّيق بمعنى، ويجوز أن يكون الضّيق بمعنى الضيّق، وقد يكون الضيّق مخففا من ضيّق.