{يَخْتَصِمُونَ} يقول كل فريق: الحق معي. {بِالسَّيِّئَةِ} العقوبة، و {الْحَسَنَةِ} التوبة. وإنما قال:{بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ} وإنما يكون ذلك إذا كانا متوقعين. وتنازعوا في القبليّة لأنهم كانوا يعتقدون بجهلهم أن التوبة تنفعهم عند نزول العذاب فبقوا على ضلالتهم، وخوطبوا بنحو ذلك.
{لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ} هلاّ، كانت العرب إذا أرادوا سفرا أو الدخول في أمر نفّروا طائرا من وكره، فإن مرّ على جهة اليمين تيمّن به، وإن مرّ على جهة الشمال تشاءم به، وفي الحديث:"أقروا الطير في وكناتها؛ فإنها لا تجلب ضررا ولا نفعا"(١) فقيل فيه: تطيّر فلان، وتيمّن، ومنه قوله:{اِطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ}(٢) أي: هو (١٦٦ /أ) الفعل لما ينفعكم ويضركم. {تُفْتَنُونَ} أي: تعذبون أو تختبرون.
الرهط: من الثلاثة إلى العشرة. أو من السبعة إلى العشرة، والنفر: من الثلاثة إلى التسعة. قوله:{وَلا يُصْلِحُونَ} أي: إن شأنهم الفساد المحض؛ كما ترى [بعض المفسدين](٣) لا يفعل فعلا فيه شيء من صلاح. قوله:{تَقاسَمُوا} يجوز أن يكون أمرا، وأن يكون خبرا في محل الحال و "قد" مقدرة. وقرئ "ليبيتنه" بالياء وعلى هذا لا يكون إلا خبرا، وقرئ "لتبيتنه" بالتاء، و "لنبيتنه"(٤) بالنون.
(١) رواه أحمد في المسند (٦/ ٣٨١)، وأبو داود رقم (٢٨٣٥)، وابن حبان رقم (٦١٢٦)، والحاكم في المستدرك (٤/ ٢٣٧)، والبيهقي في السنن الكبرى (٩/ ٣١١) وصححه ابن حبان والحاكم. والوكنات: موضع عش الطائر ووكره. وقيل: مواقع الطير حيثما وقعت. ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير (٥/ ٢٢٢). (٢) سورة النمل، الآية (٤٧) (٣) زيادة من الكشاف (٣/ ٣٧٢) مناسبة للسياق وليست في الأصل. (٤) قرأ "ليبيتنه" - بالياء - مجاهد وابن وثاب والأعمش، وقرأ "لتبيتنه" - بالتاء - حمزة والكسائي وخلف، وقرأ بقية العشرة "لنبيتنه". وتنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٨٤)، الحجة لابن خالويه (ص: ٢٧٢)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٥٣٠)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٣١٩)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٤٨٣)، الكشاف للزمخشري (٣/ ١٥٢)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٣٨)