الشديد المرارة، ومرجهما (١٥١ /أ) خلاّهما متجاورين، وبينهما حاجز من قدرة الله - تعالى - يمنعهما التمازج والاختلاط.
{وَحِجْراً مَحْجُوراً} هي الكلمة التي قالتها الملائكة لمن وقع في شدة لا يجد منها مخلصا والمعنى: كأن كلّ واحد من البحرين يتعوّذ من صاحبه أن يبغي عليه، ومنه قوله - تعالى:
{بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ}(١) أراد قسمة البشر قسمين: ذكورا وإناثا من نطفة واحدة، وهو كقوله: {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (٤٥) مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى} (٤٦)(٢). الظهير والمظاهر كالعوين والمعاون، والمعنى: أن الكافر يظاهر الشيطان على ربه بالعداوة. قيل: نزلت في أبي جهل (٣).
ويجوز أن يراد بالظهير الجمع، كما جاز في الصديق والعدو، ومنه قوله - عز وجل:
{وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ}(٤) أي: ظهراء، ويجوز أن يراد بالظهير ما خلف خلف الظهر فلم يعبأ به؛ كقوله:{لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ}(٥) مثال قوله: {إِلاّ مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ}.
والمراد فعل من شاء أن يتخذ، واستثنى به عن الأجر قول ذي شفقة عليك قد سعى لك في تحصيل مال: ما أطلب منك ثوابا على ما سعيت إلا أن تحفظ هذا المال ولا تضيعه، فيجعل حفظه ثوابا وليس بثواب، ولكنه صوّره بصورة الثواب، فأفاد ذلك أمرين:
أحدهما: أنه قد أنهى السعي في حفظ المال نهايته.
والثاني: سرورهم ببقائه لك، حتى جعله كأنه حاصل له ثوابا. وقيل: المراد النفقة في
(١) سورة الرحمن، الآية (٢٠). (٢) سورة النجم. (٣) رواه الطبري في تفسيره (١٩/ ٢٧)، وذكره السيوطي في الدر المنثور (٦/ ٢٦٧) ونسبه لابن مردويه عن ابن عباس، ولابن أبي حاتم عن الشعبي، ولابن المنذر عن عطية. (٤) سورة التحريم، الآية (٤). (٥) سورة آل عمران، الآية (٧٧).