قوله - عز وجل:{وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ} يعني: القرآن في الكتب المنزلة كلها. {فَأَبى أَكْثَرُ النّاسِ إِلاّ كُفُوراً} فقالوا: مطرنا بنوء كذا ونوء كذا، وعن ابن عباس:«ما من عام أقل مطرا من عام ولا أكثر، ولكن الله - تعالى - قسم ذلك بين عباده على ما شاء، وتلا هذه الآية»(٣). فإن قلت: هل يكفر من ينسب الأمطار إلى الأنواء؟
قلت: إن كان لا يراها إلا من الأنواء، ويجحد أن تكون هي والأنواء من خلق الله - تعالى - فهو كافر، وإن كان يرى أن الله خالقها وقد نصب الأنواء دلائل وأمارات عليها - لم يكفر.
{وَلَوْ شِئْنا} لخففنا عنك أعباء الرسالة فبعثنا {فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً} لكنا عظمناك وجعلناك رسولا إلى الجميع فقابل ذلك بالتشدد {فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ} فيما يقترحون عليك {وَجاهِدْهُمْ} بالقرآن وبحججه وجعل الجهاد به كبيرا؛ لما يتحمل فيه من المشقة الشديدة. سمّي كلّ واحد من الماءين الكثيرين بحرا، والفرات: الشديد الحلاوة، والأجاج:
(١) قرأ بها أبو عمرو وعاصم في رواية عنهما، وقراءة الباقين "ونسقيه". تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٦/ ٥٠٥)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٢٥٧)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٨٥)، مجمع البيان للطبرسي (٧/ ١٧١). (٢) سورة الحجر، الآية (٢٢). (٣) رواه البيهقي في السنن الكبرى (٣/ ٣٦٣)، وذكره السيوطي في الدر المنثور (٦/ ٢٦٤) ونسبه لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس - رضي الله عنهما.