وقرئ:(يمشّون في الأسواق)(١) أي: تمشيهم حوائجهم، أو يمشيهم الناس. وقيل: هذا ردّ على من قال: {مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ}.
{فِتْنَةً} محنة وابتلاء وهذا تصبير لرسول الله صلّى الله عليه وسلم على ما قالوه. الرجاء يكون بمعنى الخوف، كقول الشاعر في رجل يجني العسل فتلسعه زنابير العسل [من الطويل]:
إذا لسعته الدّبر لم يرج لسعها (٢) ...
أي: لم يخف، ويراد به رجاء الخير (١٤٧ /ب) كقوله - تعالى:{وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ}(٣) ويجوز أن يراد الأمران: أمل الخير وخوف الشر.
{لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ} فيخبرونا بصدقك يا محمد {أَوْ نَرى رَبَّنا} عيانا فيخبرنا بصدقك، وسواء كانوا عالمين بأن الله لا يبعث الملائكة إلا لقضاء الأمر ونزول عذاب أو لا يعلمون ذلك فهم على كل حال يسعون في إبطال الرسالة.
ومعنى قوله:{فِي أَنْفُسِهِمْ} أنهم أنكروا الرسالة، ومنعهم كفرهم واستكبارهم من طاعة النبي، كما قال:{إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلاّ كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ}(٤)(وعتو) تجاوزوا الحد في الظلم، وهذه الجملة وهي قوله:{لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ} فيها تعجيب من حالهم بغير صيغة التعجب، كأنه قال: ما أشد استكبارهم.
وقوله:{يَوْمَ يَرَوْنَ} ظرف، العامل فيه {لا بُشْرى} وقيل: العامل فيه ما دلّ عليه {لا}
(١) هذه قراءة علي وعبد الرحمن بن عوف وابن مسعود. وقراءة الجمهور "يمشون". تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٦/ ٤٩٠)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٢٤٩)، فتح القدير للشوكاني (٤/ ٩٨)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٨٧)، المحتسب لابن جني (٢/ ١٢٠). (٢) تقدم تخريجه في سورة يونس، الآية (٧). (٣) سورة الإسراء، الآية (٥٧). (٤) سورة غافر، الآية (٥٦).