الله الأصنام ويسألها (١). ويجوز أن يعم الجميع، وإذا اجتمع ما يعقل وما لا يعقل غلب العاقل، ولهذا قال:{وَما يَعْبُدُونَ} وذكر الفاعل لأنه ليس الإنكار على الفعل فإن عبادة الأصنام قد وقعت، وإنما السؤال عن فاعلها فيبهت وتنقطع حجته فيبادرون إلى الإنكار، ويقولون: بل أنت يا ربنا متعتهم بالأموال والبنين حتى نسوا الذكر وهلكوا بسبب ذلك.
والبوار: الهلاك، والبور: الهالكون، فإذا تبرأت الملائكة وصلحاء الإنس والجن عن ذلك بهت الكفار وقالوا: أنت الذي أنعمت عليهم فبطروا وجعلوا بدل الشكر كفرانا.
وقوله:{سُبْحانَكَ} تعجب منهم مما قيل لهم. وقرأ أبو جعفر المدني {أَنْ نَتَّخِذَ} بضم النون وفتح التاء والخاء (٢){الذِّكْرَ} ذكر الله والإيمان به، أو القرآن.
وقرئ (بما يقولون) بالياء والتاء، و (فما يستطيعون) بالتاء والياء (٣) صرف العذاب عنكم ولا تخليصا. الجملة الواقعة بعد إلا محذوفة وهي في موضع مفعول، والتقدير: وما أرسلنا قبلك أحدا من المرسلين إلا إنهم؛ كقوله:{وَما مِنّا إِلاّ لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ}(٤) أي: وما منا أحد.
(١) ذكره الزمخشري في الكشاف (٣/ ٢٦٨). (٢) قرأ بها أبو جعفر وأبو الدرداء وزيد بن ثابت وأبو رجاء والحسن، وقرأ الباقون "نتّخذ". تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٦/ ٤٨٩)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٢٤٧)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٧٠)، المحتسب لابن جني (٢/ ١١٩)، معاني القرآن للفراء (٢/ ٢٦٤)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٣٣). (٣) قرأ حفص عن عاصم (تستطيعون)، وقرأ الباقون (يستطيعون). تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٦/ ٤٩٠)، حجة أبي زرعة (ص: ٥٠٩)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٢٤٨)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٤٦٣)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٧١)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٣٤). (٤) سورة الصافات، الآية (١٦٤).