الله بن أبي أمية ونوفل بن خويلد ومن ضامهم. {مَسْحُوراً} سحر فغلب على عقله، أو ذا سحر وهو الرئة، عنوا أنه بشر لا ملك.
{ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ} أي: قالوا فيك تلك الأقوال {فَضَلُّوا} عن طريق الحق فلا يجدون طريقا إلى سلوكه. جاء بكل بركة {الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً} وقرئ (ويجعل) بالرفع عطفا على {جَعَلَ} لأن الشرط إذا كان ماضيا جاز في جزائه الجزم والرفع (١) وقرئ بالنصب (٢) على أنه جواب الشرط بالواو.
{بَلْ كَذَّبُوا} أي: أتوا بما هو أشد من ذلك كله وهو تكذيبهم بالبعث {سَعِيراً} النار الشديدة الاستعار. وقيل: هو اسم من أسماء جهنم. {إِذا رَأَتْهُمْ} من قولك: دورهم تتراءى أي: تتقابل، ومنه قوله صلّى الله عليه وسلم:"لا تراءى ناراهما"(٣).
كأن بعضها يرى بعضا على سبيل المجاز، والمعنى: إذا قربت منهم سمعوا صوت غليانها، وشبهه بصوت المتغيظ والزافر ويجوز أن يراد: إذا رأتهم زبانيتها تغيظوا وزفروا غضبا.
والكرب مع الضيق كما أن الفرج مع السعة، ولهذا قال {مَكاناً ضَيِّقاً} ووصف الله الجنة
(١) ينظر: الإنصاف لابن الأنباري (٢/ ٦٢٨)، شرح ابن عقيل للألفية (٤/ ٣٥)، المغني لابن هشام (١/ ٥٠٥). (٢) قرأ ابن كثير وابن عامر وشعبة عن عاصم (ويجعل) وقرأ الباقون (ويجعل). وقرأ عبد الله بن موسى وطلحة بن سليمان (ويجعل). تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٦/ ٤٨٤)، حجة ابن خالويه (ص: ٢٦٤)، حجة أبي زرعة (ص: ٥٠٨)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٢٤٤)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٤٦٢)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٦٦)، معاني القرآن للفراء (٢/ ٢٦٣)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٣٣). (٣) رواه أبو داود في سننه رقم (٢٦٤٥)، والترمذي رقم (١٦٠٤) عن جرير بن عبد الله قال: "بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم سرية إلى خثعم فاعتصم ناس منهم بالسجود فأسرع فيهم القتل، قال: فبلغ ذلك النبي صلّى الله عليه وسلم فأمر لهم بنصف العقل وقال: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين قالوا: يا رسول الله لم؟ قال: لا تراءى ناراهما". وقال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود رقم (٢٣٠٤): صحيح دون جملة العقل.