{فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} أي: يعلم كل سرّ خفي فيهما، ومنه كيدهم برسول الله صلّى الله عليه وسلم وتمحلهم للطعن في الدين.
فإن قلت: كيف طابق قوله: {إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً} هذا المعنى؟ قلت: من عادته - سبحانه وتعالى - أن يقرن الوعد بالوعيد أو: غفور رحيم لم يعاجل بالعقوبة على ما صنعتموه، لكنه أمهل وما أهمل.
{ما لِهذَا} وقع في المصحف فصل اللام عن الهاء، والأصل وصلها، وخط المصحف سنة لا تغير. وقولهم "ما لهذا": فيه تحقير واستهانة بجانب النبوة ومثله قوله - تعالى:
و {وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ} لطلب المعاش، يعنون أنه كان يجب أن يكون ملكا مستغنيا عن ذلك، ثم نزلوا فقالوا:{لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً}(١٤٦ /ب).
قوله - عز وجل:{وَقالَ الظّالِمُونَ} وضع للظاهر موضع المضمر والنصب في "فيكون" جواب {لَوْلا} التي للتحضيض. القائلون كفار قريش؛ النضر بن الحارث وعبد
(١) البيت لحضرمي بن عامر يخاطب جزء بن سنان حين اتهمه بسروره بأخذ دية أخيه المقتول. ينظر في: تاج العروس للزبيدي (شصص)، تهذيب اللغة للأزهري (١١/ ٢٦٣)، جمهرة اللغة (ص: ٣٧٩)، العين المنسوب للخليل (٨/ ٣٢٩)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٦٤)، لسان العرب (شصص)، مقاييس اللغة (٥/ ٣٨٣) ويروى "أورث" بدل "أرزق". أي: أأفرح أن أعطى قطيعا من الإبل بعد موتهم، والذود: ما بين الثلاثة إلى العشرة وعبر بها عن الدية استقلالا وتحقيرا لها، والشصائص: جمع شصوص وهي الناقة قليلة اللبن، والنبل: جمع النبيل وهو الصغير من الإبل. (٢) سورة الأنبياء، الآية (٣٦). (٣) سورة الشعراء، الآية (٢٧).