{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا} في حسن إقبالها وسرعة زوالها بجملة؛ وهي أن ماء نزل من السماء إلى آخره. {فَاخْتَلَطَ بِهِ} أي: اختلط التراب بالماء، واختلطت أنواع العشب النابتة من الأرض. {تَذْرُوهُ الرِّياحُ} تحمله وتفرقه في نواح شتى.
{وَالْباقِياتُ الصّالِحاتُ} سائر الأعمال الصالحة (١). وقيل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر (٢). وقيل: الصلوات الخمس (٣)(١٠٨ /ب).
{وَخَيْرٌ أَمَلاً} أي: مأمولا. {وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً} ليس عليها شجر ولا نبات يستر شيئا منها. {لا يُغادِرُ} لا يترك، ومنه سمّي الغدير؛ لأن السيل تركه لانخفاض مكانه. وقيل:
سمي به لأن المسافرين يمرّون عليه وهو ملآن، ثم إذا تهيأ عودهم يظنون أن ذلك الماء باق، فيجدون الرياح قد أذهبته، فكأنه غدرهم. فعيل بمعنى فاعل وعلى الأول بمعنى مفعول.
{وَوَجَدُوا} جزاء {ما عَمِلُوا حاضِراً} ووجدوه مسطورا في صحائف الأعمال. {اُسْجُدُوا لِآدَمَ} قيل: اجعلوه قبلتكم. وقيل: اجعلوه إماما تسجدون لسجوده. والصحيح اسجدوا له تعظيما، وتختلف الشرائع في ذلك. ومنه:{وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً}(٤).
{كانَ} من خدم الجنة، وبه سمي الجن. وقيل: سمي به لاستتاره عن الأعين، ولا يتعدى ذلك إلى الملائكة، فهو مشتق لا يعم كالقارورة والملك والخابية (٥){فَفَسَقَ} فخرج والفاء لردّ السببية الباطلة، كأنه قال: أفمع فعله مع أبيكم هذا تتخذونه وليّا من دون الله.
(١) رواه الطبري في تفسيره (١٥/ ٢٥٦) عن ابن زيد. (٢) رواه الطبري في تفسيره (١٥/ ٢٥٤ - ٢٥٥) عن عثمان رضي الله عنه وغيره. (٣) رواه الطبري في تفسيره (١٥/ ٢٥٤) عن ابن عباس - رضي الله عنهما وغيره. (٤) سورة يوسف، الآية (١٠٠). (٥) الخابية: هي الخب أصلها الهمزة من خبأت إلا أن العرب تركت همزة قال أبو منصور: تركت العرب الهمز في أخبيت وخبيت وفي الخابية لأنها كثرت في كلامهم فاستثقلوا الهمز فيها. ينظر: لسان العرب (خبأ).