{مَثَلُ الْجَنَّةِ} صفتها العجيبة الشأن {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ} هو كقولك: صفة زيد يعطي المائة من الإبل ويكرم الضيف {أُكُلُها} ثمرتها لا مقطوعة بالأزمان، ولا ممنوعة بالأثمان. {وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ} كعبد الله بن سلام وأمثاله وقوله: {وَمِنَ الْأَحْزابِ} الذين كذبوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم أي: وكما أرسلنا الأنبياء قبلك أنزلنا إليهم الكتب والصحف، كذلك أنزلنا القرآن حكما عربيّا.
سمى أديانهم أهواء؛ لأنهم كانوا يعبدون صنما فإذا رأوا غيره أحسن منه عبدوه، وكانوا يقولون: إن النبي صلّى الله عليه وسلم كثير التزويج، وليس له همّ إلا في النساء، فأنزل الله - تعالى {وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ} إلا وكانوا يقترحون عليه نزول آيات، فأنزل عليه {وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ}(١) في اللوح المحفوظ.
{يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ} مما نسخ تلاوته {وَيُثْبِتُ} ما لم ينسخه. وقيل: يمحو السيئات بالحسنات {إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ}(٢){وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ}(٣) وقيل: يمحو الصغائر باجتنابها، ويمحو الكبائر بالتوبة، ولا حاجة إلى هذا؛ لقوله - تعالى:{إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ}(٤) والأمر متعلق بالمشيئة وكذلك في هذه الآية {يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ} ولم يعلقه بتوبة ولا باجتناب كبيرة.
{أُمُّ الْكِتابِ} اللوح المحفوظ، كتب فيه كل ما هو كائن إلى يوم القيامة، وهو أم الكتاب {وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ} فترى ما يسرّك من عقوبتهم {أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ} قبل
(١) رواه الطبري في تفسيره (١٣/ ١٦٩) بنحوه، وذكره الماوردي في النكت والعيون (٢/ ٣٣٤)، والزمخشري في الكشاف (٢/ ٥٣٤) قريبا من ذلك. (٢) سورة هود، الآية (١١٤). (٣) سورة الرعد، الآية (٢٢). (٤) سورة النساء، الآية (١١٦).