{أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاّ} حال {أَنْ يُهْدى} أو زمن أن يهدى. {فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} جملتان. {إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً} في العقائد، أما الأحكام الشرعية فأكثر أدلتها ظنون. {وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ} افتراء {وَلكِنْ} كان {تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} لا سبب ريب فيه، بل أتقولون افتراه، تحداهم بالقرآن كله:{قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ} الآية (١)، ثم تحداهم بعشر سور في سورة هود (٢)، ثم تحداهم بسورة واحدة في هذه السورة وقيل: تحداهم أيضا بقصة أو حديث مستقل أقصر من السورة كقوله: {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ}(٣) ولم يأتهم عاقبته {عاقِبَةُ الظّالِمِينَ} يجوز أن يكون اسم كان وخبرها الاستفهام المتقدم، ويجوز أن يكون فاعلا وكان تامة، و {كَيْفَ} نصب على الحال. {وَإِنْ كَذَّبُوكَ} الآية لا وجه لقول من زعم أنها منسوخة، فإن كون عمله له وعملهم لهم أمر ثابت لم يتغير حكمه، ومن تخيل نسخها جعل قوله:{وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ} يدل على أنه أهملهم ولا يقاتلهم، لكن سورة يونس مكية، ولم يشرع القتال قبل الهجرة، فكيف تكون منسوخة؟! فإن قيل: لم جعل مع فقد السمع عدم العقل، وجعل مع عدم البصر نفسه؟ قلنا: المراد بعدم البصر في البصر عدم البصيرة والمعنى أن (٧٧ /ب) الأصم قد يحدس ويحرز ما يتكلم به من سمع صوته، والأعمى يفعل مثل ذلك إذا كان الأعمى والأصم باقي العقل.
وقوله:{أَفَأَنْتَ} إنكار على الفاعل، والتقدير: لا تستطيع أنت أن تحول هذين إلى كمال السمع والبصر، بل القادر على ذلك هو الله وحده؛ لأن الفعل ممكن في نفسه، ولو كان المراد إنكار الفعل لقال: أفتسمع الصم، أفتهدي العمي؟