السفينة ونجا الغلام، فقال للملك: لست بقاتلي حتى تجمع الناس في صعيد واحد وتصلبني على جذع وتأخذ سهما من كنانتي وتقول: بسم الله رب الغلام. ثم ترميني به، فرماه فوقع في صدره فوضع يده عليه ومات، فقال الناس: آمنا برب الغلام. فقيل للملك: نزل بك ما كنت تحذر. فأمر بأخاديد في أفواه السكك فأوقدت فيها النيران، فمن لم يرجع منهم طرح فيها، حتى جاءت امرأة معها صبي فتقاعست أن تقع فيها، فقال الصبي: يا أماه اصبري فإنك على الحق. فاقتحمت. وقيل: قال لها: قعي ولا تنافقي. وقيل: ما هي إلا غميصة فصبرت " (١).
وعن علي: أنهم حين اختلفوا في أحكام المجوس قال: هم أهل الكتاب، وكانوا متمسكين بكتابهم، وكانت الخمر قد أحلت لهم، فتناولها بعض ملوكهم فسكر فوقع على أخته، فلما صحا ندم، وطلب المخرج، فقالت له: المخرج أنك تخطب الناس وتقول: أيها الناس إن الله أحل نكاح الأخوات. ثم تخطبهم بعد ذلك: إن الله حرمه. فخطبهم فلم يقبلوا منه، فأمر بالأخاديد، وإيقاد النار، وطرح من أتى فيها، فهم الذين أرادهم الله بقوله:{قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ}(٢).
وقيل: وقع إلى نجران رجل ممن كان على (٣٣٦ /ب) دين عيسى فدعاهم فأجابوه، فسار إليهم ذو نواس اليهودي بجنود من حمير، فخيرهم بين النار واليهودية فأبوا، فأحرق منهم اثني عشر ألفا في الأخاديد (٣). وقيل: سبعين ألفا. وقيل: إن طول الأخدود أربعون ذراعا، وعرضه: اثنا عشر ذراعا. وعن النبي - صلى الله عليه وسلم -" أنه كان إذا ذكر أصحاب الأخدود تعوذ من جهد البلاء " (٤).
(١) رواه مسلم رقم (٣٠٠٥)، وأحمد في المسند (٦/ ١٦)، والترمذي رقم (٣٣٤٠)، من حديث صهيب الرومي. (٢) نسبه ابن حجر في تخريجه لأحاديث الكشاف (ص: ١٨٣) لأحمد والبزار والطبري وأبي يعلى وإسحاق بن راهويه. ونسبه السيوطي في الدر المنثور (٤/ ١٦٩) لعبد الرزاق في المصنف عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. (٣) نسبه ابن حجر في تخريجه أحاديث الكشاف (ص: ١٨٣) لابن إسحاق في السيرة. (٤) نسبه ابن حجر في تخريجه أحاديث الكشاف (ص: ١٨٣) لابن أبي شيبة عن الحسن.