{إِنّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً} الخطاب لأهل مكة. {شاهِداً عَلَيْكُمْ} يشهد عليكم يوم القيامة بكفركم وتكذيبكم. فإن قلت: لم نكر الرسول ثم عرف؟ قلت: لأنه أراد أرسلنا إلى فرعون بعض الرسل فلما أعاده وهو معهود بالذكر أدخل لام التعريف إشارة إلى المذكور بعينه. {وَبِيلاً} ثقيلا غليظا من قولهم: كلأ وبيل: وخم لا يستمر لثقله. والوبيل: العصا الضخمة ومنه الوابل للمطر العظيم {يَوْماً} مفعول به، أي: فكيف تقون أنفسكم يوم القيامة وهوله إن بقيتم على الكفر ولم تؤمنوا ولم تعملوا صالحا. ويجوز أن يكون ظرفا، أي: فكيف لكم بالتقوى في يوم القيامة إن كفرتم في الدنيا. ويجوز أن ينتصب ب "كفرتم"(٣١٨ /ب) على تأويل جحدتم، أي: فكيف تتقون الله وتخشونه إن جحدتم يوم القيامة والجزاء؛ لأن تقوى الله خوف عقابه
و {يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً} مثل في الشدة يقال في اليوم الشديد: يوم تشيب نواصي الأطفال والأصل فيه أن الهموم والأحزان إذا تفاقمت على الإنسان أسرع فيه الشيب.
وقد روي في بعض الكتب: أن رجلا أمسى فاحم الشعر كحنك الغراب وأصبح وهو أبيض الرأس واللحية كالثغامة فقال: رأيت القيامة والجنة والنار في المنام، ورأيت الناس يقادون في السلاسل إلى النار، فمن هول ذلك أصبحت كما ترون (٢). ويجوز أن يوصف اليوم بالطول وأن الأطفال يبلغون فيه أيام الشيخوخة والشيب.