وأنكروا أن يكون الرسول بشرا، وكونه منهم أيضا؛ لأن البشرية جنس جامع له ولهم، وكونه واحدا فقالوا: كيف تتبع هذه الأمة كلها رجلا واحدا؟ {أَشِرٌ} بطر طالب للرياسة علينا. {سَيَعْلَمُونَ غَداً} عند نزول العذاب، أو يوم القيامة. {مَنِ الْكَذّابُ الْأَشِرُ} أصالح أم من كذبه؟ وقرئ:" ستعلمون "بالتاء (١) على حكاية ما سألوا. {فِتْنَةً لَهُمْ} وامتحانا.
{فَارْتَقِبْهُمْ} فانتظرهم، وما هم عليه. {وَاصْطَبِرْ} على أذاهم، ولا تعجل حتى يأتيك أمري. {قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ} مقسوم {لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ}(٢) وذكر {بَيْنَهُمْ} تغليبا للعقلاء.
{مُحْتَضَرٌ} أي: محضور لهم وللناقة. {صاحِبَهُمْ} قدار بن سالف، وقيل: الناقة أو السيف.
{صَيْحَةً واحِدَةً} صيحة جبريل. والهشيم: الشجر اليابس المتهشم، والمحتظر: الذي يعمل الحظيرة. {حاصِباً} ريحا تحصبهم بالحجارة.
{بِسَحَرٍ} بقطع من الليل، وهو السدس الأخير منه. وقيل: هما سحران، والسحر الأعلى قبل انصداع الفجر، والآخر عند انصداعه، وصرف لأنه نكرة، ويقال: لقيته سحر؛ أي: بسحر يومك.
{نِعْمَةً} أنعمناها؛ مفعول له:{مَنْ شَكَرَ} نعمة الله بالإيمان والطاعة {وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ} لوط عليه السلام {بَطْشَتَنا} أخذتنا بالعذاب {فَتَمارَوْا} وكذبوا {بِالنُّذُرِ}. {فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ} فمسحناها وجعلناها كسائر الوجوه لا يظهر فيها شق. روي أنهم عالجوا باب لوط ليدخلوا؛ فقال لهم:{لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً}(٣) فقالوا له: إن ركنك لشديد {إِنّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا}
(١) قرأ بها ابن عامر وحمزة وهبيرة عن حفص عن عاصم، وقرأ الباقون وأبو بكر عن عاصم" سيعلمون " بالغيبة. تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ١٨٠)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٢٣٠)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٦١٨). (٢) سورة الشعراء، الآية (١٥٥). (٣) سورة هود، الآية (٨٠).