يرجع إلى كل واحد؛ لأن كل واحد منهم كذب الرسل كلهم، وأن يراد تكذيب كل أمة رسولها، ووحد الضمير المصحح ل "كل" على اللفظ دون المعنى.
{فَحَقَّ وَعِيدِ} فوجب وحل. عيي بالأمر: إذا لم يهتد لوجه الصواب فيه، والمعنى أنهم علموا أن الله قدر على إيجادنا أول مرة فهو يقدر على إيجادنا ثانيا. {فِي لَبْسٍ} أي: في اختلاط وشبهة، وقد لبس عليهم الشيطان أمرهم؛ فإنه أثبت في أذهانهم أن إحياء الموتى لا يتصور، وإنما نكر في {خَلْقٍ جَدِيدٍ} لأنه أراد خلقا جديدا له شأن بخلاف تعريفه في أول السورة.
الوسوسة: الصوت الخفي، ومنه: وسواس الحلي، ووسوسة النفس: هو ما يخطر ببال الإنسان، والباء في قوله:{تُوَسْوِسُ بِهِ} مثلها في: همس به وصوّت به، ويجوز أن تكون الباء للتعدية، والضمير للإنسان؛ أي ما يجعله موسوسا، و "ما" مصدرية. {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ} يعني، قرب مجاز، وقوله:{مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} أي: من حبل العاتق، وهو مثل في القرب؛ كما يقال: هو مني مقعد القابلة ومعقد الإزار، قال ذو الرمة [من السريع]: والموت أدنى لي من الوريد (١)(٢٧٢ /أ).
والوريدان: عرقان مكتنفان بصفحتي العنق في مقدمها، متصلان بالوريد، يردان من الرأس إليه، وإضافة الحبل إلى الوريد يشبه إضافة الحبل إلى نفسه وجاز ذلك كما قالوا: بعير سائبة، والسائبة هو البعير، أو يراد حبل العاتق؛ فيضاف إلى الوريد كما يضاف إلى العاتق؛ لاجتماعهما في عضو واحد.
و {إِذْ} منصوب ب {أَقْرَبُ} لأن الظروف تعمل فيها المعاني متقدمة ومتأخرة.
وروي في الحديث:"إن مقعد ملكيك على ثنيتك، ولسانك قلمهما، وريقك مدادهما، وأنت غافل عن ذلك"(٢).والتلقي: التلقن بالحفظة والكتبة، والقعيد: المقاعد كالجليس
(١) هذا عجز بيت لذي الرمة، وصدره: هل أغدون في عيشة رغيد ... ينظر في: تفسير البيضاوي (٥/ ٢٢٦)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٣٨٣). (٢) ذكره الزيلعي في تخريج الأحاديث والآثار في الكشاف (٣/ ٣٥٧) ونسبه للثعلبي بإسناده إلى علي بن -