أحدهما: لا يَحتاج إلى عاضد، والآخر: يَحتاج إليه، على أنَّ الرازيَّ حَمَل المسند العاضد على مُسندٍ لا يُحتَجُّ به منفردًا لضَعفه، بمنزلة ما إذا اعتضد المرسل بمثله. فإن قيل:(أ/١٠٠) كيف يُقوَّى الضعيفُ بالضعيف؟ قيل: لأنَّه يَحْصُل من الهيئة الاجتماعيَّة من القوَّة ما لا يكون [مع الواحد](١) فقط؛ فيحصُلُ بانضمام أحدِهما إلى الآخر قوةٌ مفيدة للظن ليست ثابتة في حال الانفراد. فإن قُلْتَ: فما حُكْم مرسَل التابعيِّ الصغير كالزُهْريِّ عند الشافعيِّ إذ اعتضد؟ قُلْتُ: الردُّ مع العاضد له جميعًا. لا يُقال: عبارة الشارح قاصرة عن مراد الشافعيِّ؛ لأنَّه قيَّد ذلك برواية كبار التابعين؛ لأنَّا نقول: تَوَقُّف القَبولِ إنَّما هو على الاعتضاد فقط، والاعتضاد له شروط، منها: كون المرسَل رواه تابعيٌّ كبيرٌ (٢).
[قوله](٣): «بِمَجِيئِهِ ... إلخ»:
ليس في عبارته ما يُفيد انحصار العاضد فيما ذُكِر، فلا ينافي أنَّه يعتضد عنده أيضًا بـ: قول صحابيِّ، أو فِعلِه، أو قول أكثر العلماء، أو انتشارٍ له من غير نكير، أو عمل أهل العصر على وَفْقه. فإن قُلْتَ: فإنْ بقيَ المرسَل بلا عاضدٍ عند من لا يَحتَجُّ به بدُونه، ولا دليل في الباب سِواه، وهو دالٌّ على المنع من شيء، قُلْتُ:
(١) زيادة من (ب). (٢) في هامش (أ): [قال السيوطي: من ظن أن الشافعي إنما يحتج بمراسيل سعيد بن المسيب فقط فهو في واد بعيد، بل مذهبه الاحتجاج بالمرسل إذا اعتضد ولو كان مرسل غير سعيد. انتهى]. (٣) زيادة من: (أ) و (ب).