وَمِنَ المُهِمِّ: مَعْرفَةُ صِفَةِ كِتابَةِ الحَدِيثِ، وهُوَ أَنْ يَكْتُبَهُ مُبيَّنًا مُفسَّرًا، ويَشْكُلَ المُشْكِلَ مِنْهُ، ويَنْقُطَهُ، ويَكْتُبَ السَّاقِطَ في الحَاشِيَةِ اليُمْنى، مَا دَامَ في السَّطْرِ بَقيَّةٌ، وإِلَّا ففي اليُسْرى.
[قوله](١): «ومِنَ المُهِمِّ: مَعْرِفَةُ صِفَةِ كتابة الحديث ... إلخ»:
في كلامه إشارةٌ إلى جواز كتابة الحديث، وهو (أ/٢٠٣) مذهب جماعة من الصحابة، منهم: عمر بن الخطاب (٢) ومنهم ابنه، وعليٌّ وابنه الحسن -رضي الله عنهم-، ومن التابعين منهم: قتادة وعمر بن عبد العزيز (٣)، حتى قال جماعة منهم: «قيِّدوا العلم (هـ/٢٣٧) بالكتابة» (٤)، خِلافًا لمن كَرِهَها من الصحابة كابن مسعود وأبي سعيد الخُدْريِّ، ومن التابعين كالشعبي والنخعي (٥)؛ مُحْتَجِّين بخبر مُسْلِمٍ عن أبي سعيد الخُدْريِّ أنَّ النبيَّ -عليه الصلاة والسلام- قال:«لا تكتبوا عني شيئًا سوى القرآن، مَن كتب عني شيئًا سوى القرآن فلْيَمْحُه»(٦)، وفي رواية:«أنَّه استأذن النبيَّ -عليه الصلاة والسلام- في كتب الحديث فلم يأذن له»(٧)، وهذا الخلاف إنَّما كان للصَّدْر
(١) زيادة من: (أ) و (ب). (٢) قال الحاكم في مستدركه (١/ ١٠٦): «قد صحت الرواية عن عمر بن الخطاب أنه قال: قيّدوا العلم بالكتابة». راجع النكت للزركشي (٣/ ٥٥٦). (٣) فتح المغيث (٣/ ٣١). (٤) أخرجه الرامهرمزي في «المحدث الفاصل» (ص ٣٦٨)، وابن شاهين في «ناسخ الحديث ومنسوخه» (٦٢٤)، والقضاعي في» مسند الشهاب» (٦٣٧)، عن أنس -رضي الله عنه-، وأخرجه الطبراني (١٣/ ٤٦٦) (١٤٣٢٩)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (٣/ ٣٢١) مطولاً، والبيهقي في «المدخل إلى السنن» (٧٦٣)، عن ابن عمرو -رضي الله عنهما-. (٥) فتح المغيث بشرح ألفية الحديث (٣/ ٣٣). (٦) مسلم (٢٠٠٤). (٧) الترمذي (٢٦٦٥)، و الدارمي (٤٦٥).