ولم يَحْصُلِ الاعتناءُ بتمييزِ أَحدِ القِسمينِ مِن الآخَرِ لمصلحةٍ اقْتَضَتْ ذلك، وهي ترتيبُها على الأشدِّ فالأشدِّ في مُوجَبِ الرَّدِّ على سَبيلِ التَّدلِّي؛ لأنَّ الطَّعْنَ إِمَّا أَنْ يكونَ:
لِكَذِبِ الرَّاوِي في الحديثِ النبويِّ بأَنْ يرويَ عنهُ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ما لمْ يَقُلْهُ متَعمِّدًا لذلك.
وقوله:«لِمَصْلَحَةٍ اقْتَضَتْ ذلك ... إلخ»: أي: فإنَّ ترتيبها على الأشَدِّ فما دُونه؛ أكثرُ نفعًا وأعظم فائدةً من تميِيز أحد القِسمين من الآخر، سِيَّما المبتدئُ، مع أنَّه يمكِن أنْ يستخرجه الطالب إذا تأمَّله.
وقال (هـ)(١): «لمصْلَحة اقتَضَت» عند المؤلِّف «ذلك» أي: عدم التميِيز، وهو تعليل للنفي لا للمنفي كما لا يَلْتبس. فإنْ قُلْتَ: حيث اقتضت المصلحة هنا ترتيبها على مقتضى الأشَدِّ فالأشَدِّ، هَلَّا أتى في المَتْن بـ «ثُمَّ» المفيدة للترتيب والتراخي في الرتبة؟ قُلْتُ: لمَّا راعى التقسيم لم يكُن بُدٌّ له من الإتيان بـ «أو» التي هي أصله، ولمَّا كانت الدلالة على الترتيب نصَّ على قصده في الشرح، وصاحب البيت أدرى بالذي فيه.
[قوله](٢): «على الأَشَدِّ»:
أي: على وَفْق تقديم الأشَدِّ في القدْح بالنسبة لِمَا يليه كذلك، وبهذا أُسقط أنَّ الأوْلى أن يقول: الأشَد فالشديد فالأشَد.
(١) قضاء الوطر (٢/ ١٠٠٧). (٢) زيادة من: (أ) و (ب).