أي: والقِسْمُ الثاني من قِسْمَيِ الغريب ما يُسمَّى بالفرْد النِّسبيِّ؛ فقوله:«سُمِّي نِسبِيًّا»(هـ/٦١) معناه: أنَّ هذا المجموع المرَكَّبَ تركيبًا توصيفيًّا نُقِل وجُعِل عَلَم جنسٍ لهذه الحقيقة الخاصَّةِ عُرْفًا. ومن الفرْد النِّسبيِّ أنْ يَنفرِد أهلُ بلدٍ -كالبَصرة مثلًا- بنقل حديث لم يشاركْهم فيه غيرُهم، مثالُه: حديث أبي داود، عن أبي الوليد الطَّيالِسيِّ، عن هَمَّام، عن قَتادةَ، عن أبي نَضْرةَ، عن أبي سعيد الخُدْريِّ قال:«أمرَنا الرسولُ أنْ نقرأَ بفاتحةِ الكِتابِ وما تَيَسَّرَ»(٢)؛ فإنَّه لم يروِ هذا الحديثَ غيرُ أهل البَصرة، فقد قال الحاكم (٣): «إنهم تفرَّدوا بذِكْر الأمر فيه من أول الإسناد».
ومثالُه في أهل مصر: حديث عبد الله بن زَيدٍ في صفة وُضوء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (٤)، حيث قال الحاكم فيه (٥): «إنَّ قوله: «ومَسَحَ رأسَه بماءٍ غيرِ فَضْلِ يَدِه» تفرَّد به أهل مصر».
قلتُ (٦): ومن الفرْد النِّسبيِّ أنْ ينفرد ثقةٌ برواية الحديث من بين سائر رُواته، ومثالُه قول القائل في حديثٍ:«قرأ النبيُّ -عليه الصلاة والسلام- في الأضحى والفطر بقاف واقتربت»؛ فإنَّه لم يروه ثقةٌ إلَّا ضَمْرَةُ بن سعيد المازنيُّ، فقد انفرد به عن عبيد الله
(١) زيادة من: (أ) و (ب). (٢) أبو داود (٨١٨). (٣) معرفة علوم الحديث (ص ٣١٩). (٤) البخاري (١٨٥)، ومسلم (٢٣٥). (٥) المرجع السابق. (٦) الكلام للّقاني -رحمه الله-.