ثمَّ البِدْعَةُ، وَهِيَ السَّببُ التَّاسعُ مِن أَسبابِ الطَّعْنِ في الرَّاوي، وهي إِمَّا أَنْ تَكونَ بمُكَفِّرٍ؛ كأَنْ يعتَقِدَ ما يستَلْزِمُ الكُفْرَ، أو بِمُفَسِّقٍ:
[قوله](١): «ثُمَّ البِدْعَةُ»: يعني بالاعتقاد، وأما بالجوارح فهي الفِسْق السابق حُكْمه، وهي مأخوذة من الإبداع، وهو: إخراج الشيء على غير مثال؛ فكأنَّ المخالِف في قواعد الاعتقاد الشرعيِّ أخْرَج اعتقاده على غير ما طلبه الشارع منه وبيَّنه له. قوله:«في الراوي» لغو متعلِّق بـ «الطَّعن».
اعلم أنَّ تقدير الشارح «وهي» فيه إخراج للمَتْن عن ظاهره؛ إذ لفظ المَتْن:«ثُمَّ البدعة إِمَّا بمكَفِّرٍ إلخ»، وعلى ما فعله الشارح فيُقدَّر للبدعة خبرٌ.
قوله:«كأَنْ يَعْتَقِدَ ما يَسْتَلْزِمُ الكُفْرَ»: هذا مبنيٌّ على أنَّ لازم المَذْهَبِ مَذْهَبٌ، وهو قولٌ مرجوح، وظاهر هذا أنَّ مَحِلَّ الخلاف في هذا الموضِع، وأنَّ من حصل منه ما هو كُفْرٌ ليس فيه هذا (أ/١٣٣) الخلاف، وأنَّه يُرَدُّ قَطْعًا.
وقوله:«فالمُعْتَمَد أنَّ الذي تُرَدُّ روايتُه ... إلخ»:
يقتضي وجود الخلاف في هذا، ويفيد أنَّ من اعتقد ما يستَلْزِم الكُفْر لا يُقال فيه: إنَّ روايته تُردُّ -على المُعتَمد-، وما ذكره في المَتْن من عود ردِّه للجمهور واقتصاره عليه يفيد خِلاف هذا، وأنَّ المُعتَمَد رَدُّ حديث من اعتقد ما يَستلزِمُ الكُفْرَ. فإنْ قيل: قوله: «كأنْ يَعْتَقِد ... إلخ» يقتضي أنَّ مَحِلَّ الخلاف ليس مقصورًا على هذا؛ لقوله:«كأنْ يَعْتَقِد ... إلخ» حيث لم يَقُلْ: بأنْ يعتقد ... إلخ؛ فيشمل من أتى بالكُفْر صريحًا، قُلْنا: هذا يقتضي أيضًا أنَّ المُعْتَمَدَ ردُّ رواية من اعتقد ما يستَلْزِم