وعلى قوله:(كَتَبَ اللَّهُ)«١» من قوله: (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ)«٢» لمكان أجوبة القسم، فكذا لا يجوز الوقف على قوله:(كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ)«٣» من دون قوله: (لَيَجْمَعَنَّكُمْ)«٤» فقوله: (كَتَبَ اللَّهُ) . أي: فرض الله القتال وأوجبه، واقسم عليه لأغلبن، فاللام جواب القسم، كما «إن» فى (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ)«٥» ، و «لا» فى قوله: (لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ)«٦» ، و (لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ)«٧» واللام فى (لَمَنِ اشْتَراهُ)«٨» و «ما» من قوله: (ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ)«٩» جواب، فليس قوله:(لَأَغْلِبَنَّ) من قوله: (اللَّهُ) كقوله: (الْإِيمانَ) من قوله: (أُولئِكَ/ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ)«١٠» إنما قوله: «كتب» أضمر مفعوله، أي: كتب الله القتال، كقوله:(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ) ، و (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ)«١١» ، و (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ)«١٢» فكيف ظننت أيها الظان أن قوله: «لأغلبن» مفعول «كتب» ومن أين لك أن تقول إن الجمل تكون فاعلات ومفعولات، ولولا تتم الصنعة حتى لا تتوالى عليك الفتوق.
قال أبو علي: الألفاظ التي جرت في كلامهم مجرى القسم حتى أجيبت بجوابه تستعمل على ضربين:
أحدهما: أن تكون كسائر الأخبار التي يقسم فلا تجاب كما لا تجاب الأخبار.