هذا باب ما جاء في التنزيل من إضمار الحال والصفة جميعا وهو شيء لطيف غريب، فمن ذلك قوله تعالى:(فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ)«١» ، أي: فمن شهده منكم صحيحا بالغا.
ومن ذلك قوله في الصفة:(وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ)«٢» والتقدير: وله أخ أو أخت من أم، فحذف الصفة.
وقال:(وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ)«٣» ، (فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ)«٤» ، كان المعنى: كل شيء أحبته، وكل شيء أحبوه.
وقال في الريح:(ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ) » .
وقال:(تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ)«٦» ولم تجتح هودا والمسلمين معه.
وقوله:(وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ)«٧» يعني «الكافرين» لأن فيهم حمزة وعلياً وجعفرا.
وقال:(حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً)«٨» ، أي: شيئا مما ظنه وقدره، يبين ذلك قول العباس بن مرداس:
وقد كنت فى الحرب «٩» ذا تدرأ «١٠» ... فلم أعط شيئاً ولم أمنع
/ أراد شيئاً مما قدرت إعطائي إياه. وبعد هذا البيت:
(١) البقرة: ١٨٥. (٢) النساء: ١١. (٣) النمل: ٢٣. (٤) الأنعام: ٤٤. (٥) الذاريات: ٤٢. (٦) الأحقاف: ٢٥. (٧) الأنعام: ٦٦. [.....] (٨) النور: ٣٩. (٩) الرواية في اللسان «درأ» : «القوم» . (١٠) ذو تدرأ: ذو هجوم لا يتوقى ولا يهاب، ففيه قوة على دفع أعدائه.