هذا باب ما جاء في التنزيل من الحروف التي أقيم بعضها مقام بعض وهذا الباب يتلقاه الناس معسولا ساذجا من الصنعة، وما أبعد الصواب عنهم، وأوقفهم دونه، وذلك أنهم يقولون: إن «إلى» يكون بمعنى «مع» ويحتجون لذلك بقول الله تعالى: (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ)«١» ، أي: مع الله.
وقال الله تعالى:(وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ)«٢» ، أي: مع امولكم.
ويقولون «في» بمعنى «على» ، ويحتجون بقوله تعالى:(وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ)«٣» ، أي: عليها.
وهذا في الحقيقة من باب الحمل على المعنى.
فقوله:(مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ)«٤» معناه: من يضيف نصرته إلى نصرة الله، وكذا:(وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ)«٥» . أي مضمومة إليها، وكذلك قوله:(هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى)«٦» ، وأنت إنما تقول: هل لك في كذا؟
/ لكنه لما كان هذا دعاء منه- صلى الله عليه وعلى آله- له صار تقديره: أدعوك وأرشدك إلى أن تزكى.
وأما قوله:(وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ)«٧» ، فليس في بمعنى «على» ، وإنما هو على بابه، لأن المصلوب فى الجذع، والجذع وعاء له.