هذا باب ما جاء في التنزيل من بناء النسب فمن ذلك قوله تعالى:(لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ)«١» ، أي: لاذا عصمة، ليصح استثناء قوله:«من رحم» منه.
ويحمل الفراء على:«لا معصوم» . ويحمله غيره على بابه، ويكون «من رحم» بمعنى: «راحم» .
/ ومن ذلك قوله تعالى:(حِجاباً مَسْتُوراً)«٢» ، أي: حجابا ذا ستر، لأن الحجاب ستر لا يستر.
ومنه قوله:(فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ)«٣» ، إنه بمعنى:«مرضية» ، والوجه ما قلنا.
ومن ذلك:(خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ)«٤» ، أي: ذي دفق. والفراء يقول:
من ماء دفوق. فهذا كله محمول على النسب. قال الحطيئة:
وغررتني وزعمت أن ... ك لابنٌ في الصيف تامر «٥»
أي: ذو لبن وذو تمر.
ومنه عندي: خير الملك سكة مأبورة أو مهرة مأمورة «٦» .
أي: ذات كثرة لأن «أمر القوم» : إذا كثروا، فهو مثل قوله:(حِجاباً مَسْتُوراً) . قال: قال أبو عمرو: إنما نعرف «مأمورة» على هذا الوجه، ولا نعرف «أمرته» . أي: كثرته. وحكاه غيره، فإن صح فهو على بابه.
(١) هود: ٤٣. (٢) الإسراء: ٤٥. (٣) الحاقة: ٢١. (٤) الطارق: ٦. (٥) الرواية في الكتاب (٢: ٩٠) : فغرزتني وزعمت أن ... ك لابن بالصيف تامر. (٦) لفظ الحديث: «خير المال مهرة مأمورة، وسكة مأبورة» . (النهاية) .