ومنه قوله تعالى:(وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ)«١» . وجميع ما جاء من «لو شاء» كان مفعوله مدلول جواب «لو» ، والتقدير: ولو شاء الله إذهاب السمع والبصر لذهب بسمعهم وأبصارهم.
ومن ذلك قوله تعالى:(كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ)«٢» أي: أضاء لهم البرق الطريق مشوا فيه.
ومنه قوله تعالى:(لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)«٣» أن: تتقون محارمه، وقيل: بل قوله (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً)«٤» مفعول «يتّقون» / و «الأرض» مفعول أول ل «جعل» ، و «فراشا» مفعول ثان، ومعنى «جعل» : صير.
وقد يجيء «جعل» بمعنى: صنع، وخلق فيكون متعدياً إلى مفعول واحد، قال الله تعالى:(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ)«٥» بمعنى: صنع، وخلق. وقال الله تعالى:(وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها)«٦» .
وإذا كانت بمعنى «صيرت» تعدت إلى مفعولين، لا يجوز الإقتصار على أحدهما، وهي في هذا الوجه تنقسم على ثلاثة أقسام: كما تنقسم «صيرت» .
أحدها: بمعنى «سميت» ، كقوله تعالى:(وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً)«٧» أي: صيروهم إناثاً بالقول والتسمية، كما تقول:«جعل زيد عمراً فاسقاً» . أي: صيره بالقول كذلك.