قال بعضهم: ولما كان الكلام السابق كالمورد ففحواه للسؤال تنزل ذلك (١) منزلة الواقع؛ ولذلك استأنف الكلام الثاني جوابًا لذلك السؤال فقطعه دون حرف العطف، ومنه قول الشاعر:
زعم العواذل أنني في غمرة ... صدقوا ولكن غمرتي لا تنجلي (٢)
وإنما لم يعطف صدقوا على زعم العواذل؛ لأنه حين (٣) أبدل الشكاية بقوله: زعم العواذل أنني (٤) في غمرة، كان ذلك مما يحرك السامع عادة ليسأل هل صدقوا في ذلك أم (٥) كذبوا؟ وهذا يقال له: الفصل والوصف من علم المعاني، وهو ترك العطف بين الجمل التي لا موضع لها من الإعراب، وبالله التوفيق بمنه.
...
(١) في ط: "في ذلك". (٢) لم أجد قائل هذا البيت. "غمرة" غمرة الشيء: شدته. الشاهد فيه: وقوع الجملة المستأنفة جوابًا للسؤال عن غير سبب مطلق أو خاص كأنه قيل: أصدقوا في هذا الزعم أم كذبوا؟ فقال: صدقوا، وفصله عما قبله لكونه استئنافًا. ورد هذا البيت بدون نسبته لقائله في: معاهد التنصيص للعباسي ١/ ٩٥، شرح شواهد المغني للسيوطي تحقيق الشنقيطي (٢/ ٨٠٠) رقم الشاهد ٦٠٨. (٣) "حين" ساقطة من ط. (٤) في ز: "أني". (٥) في ز: "أو".