وقوله:{ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ}، يدل على تأخير البيان عن وقت الإنزال مطلقًا من غير تفصيل؛ لأن ثم للتراخي، وكذلك قوله:{الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ}(٢)(٣).
واعترض هذا الاستدلال: بأن ثم قد تكون لغير التراخي كقوله تعالى: {فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ}(٤)، وقوله تعالى:{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى}(٥)، فهي في هذين بمعنى الواو (٦). قاله الباجي (٧)(٨).
الجواب: بأن استعمالها لغير التراخي مجاز، والحقيقة أولى من المجاز (٩) ولكن يقال أيضًا: الأصل عدم المجاز، والأصل عدم الاشتراك، والمجاز أولى من الاشتراك (١٠).
...
(١) هذا التفسير وارد عن ابن عباس أخرجه عنه البخاري وغيره، فانظر: البخاري كتاب التفسير الحديث رقم ٤٩٢٩، وانظر: الدر المنثور للسيوطي ٦/ ٢٨٩. (٢) سورة هود آية رقم ١. (٣) انظر: الإحكام للآمدي ٣/ ٣٥، وروضة الناظر ص ١٨٦، والمستصفى ٣/ ٣٧١. (٤) سورة يونس آية رقم ٤٦. (٥) سورة طه آية رقم ٨٢. (٦) في الهامش من مخطوط الأصل ما يلي: انظر ثم بمعنى الواو. (٧) انظر: إحكام الفصول للباجي ١/ ٤٠. (٨) انظر: الاعتراض في المحصول ١/ ٣/ ٢٨٣، والإحكام للآمدي ٣/ ٣٥، والمسطاسي ص ٣٨. (٩) انظر: شرح المسطاسي ص ٣٨. (١٠) انظر: شرح المسطاسي ص ١٥١، من مخطوط الجامع الكبير بمكناس رقم ٣٥٢.