ومثال هذه المسألة وهي تأخير البيان عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة: أن يقول الله تعالى مثلًا في شهر رمضان: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}(١) فوقت الخطاب هو رمضان، ووقت الحاجة هو أول صفر.
هل يجوز تأخير البيان، وهو قوله عليه السلام:"نهيت عن قتل النساء والصبيان" من رمضان إلى أول صفر أو لا يجوز تأخيره؟ محل الخلاف.
حجة القول المشهور بالجواز: أن أكثر أدلة الشريعة وردت مجملة ثم ورد بيانها بعد ذلك (٢).
مثال ذلك: قوله تعالى: {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ}(٣) بينه النبي عليه السلام بفعله، وقال:"صلوا كما رأيتموني أصلي".
وقوله تعالى:{وَآتُوا الزَّكَاةَ}(٤) بينه النبي عليه السلام بقوله: "ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة"، وبقوله:"ليس في أقل من خمس أواق صدقة"، وبقوله:"في كل أربعين شاة شاة"، وبقوله: "ليس فيما دون
(١) سورة التوبة آية رقم ٥. (٢) انظر: شرح الكوكب المنير ٣/ ٤٥٣، والمستصفى ١/ ٣٧١، والمعتمد ١/ ٣٥٦، والإحكام للآمدي ٣/ ٤١، والمسطاسي ص ٣٥. (٣) سورة الأنعام آية رقم ٧٢. (٤) هي في: سورة البقرة: ٤٣، ٨٣، ١١٠ بفعل الأمر، ٢٧٧ بالفعل الماضي، وفي سورة النساء: ٧٧ بالأمر، وفي سورة التوبة: ٥ بالماضي، و١١ بالماضي، وفي سورة الحج: ٤١ بالماضي، و٧٨ بالأمر، وسورة النور: ٥٦ بالأمر، وسورة المجادلة: ١٣ بالأمر، وسورة المزمل: ٢٠ بالأمر.