وهي قوله تعالى:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}(١).
أخبرنا الشافعي -رضي الله عنه- أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز، عن ابن جريج، أخبرني ابن أبي مليكة قال:"توفيت ابنة لعثمان بن [عفان](٢) بمكة فجئنا نشهدها وحضرها ابن عباس وابن عمر، فقال: إني لجالس بينهما جلست إلى [أحدهما](٣) ثم جاء الآخر وجلس إليَّ، فقال ابن عمر لعمرو بن عثمان: ألا تنهى عن البكاء -فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الميت [ليعذب](٤) ببكاء أهله عليه" فقال ابن عباس: قد كان عمر يقول بعض ذلك ثم حدث ابن عباس فقال: صدرت مع عمر بن الخطاب من مكة حتى إذا كنا بالبيداء إذا بركب تحت ظل شجرة، قال: اذهب فانظر من هؤلاء الركب، فذهبت فإذا صهيب، قال: ادعه، فرجعت إلى صهيب فقلت: ارتحل فالحق بأمير المؤمنين فلما أصيب عمر سمعت صهيبًا يبكي ويقول: واأخياه واصحباه، فقال عمر: يا صهيب، أتبكي علي وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه" قال: فلما مات عمر ذكرت ذلك لعائشة، فقالت: يرحم الله عمر، لا والله ما حدث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه، [ولكن
(١) قلت: ولا شك أن الجمع بين الرواتين أولى من الترجيح وإلى هذا جنح الكثير من أهل العلم. قال الإمام البخاري في صحيحه (٣/ ١٨٠) فتح: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه إذا كان النوح من سنته لقول الله تعالى {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - (كلكم راع ومسئول عن رعيته) فإذا لم يكن من سنته فهو كما قالت عائشة رضي الله عنها "لا تزر وازرة وزر أخرى" وهو كقوله: {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ}، وما يرخص من البكاء من غير نوح وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - "لا تقتل نفس ظلمًا إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها" وذلك لأنه أول من سنَّ القتل" اهـ. وقد ذكر الحافظ -رحمه الله- وجوهًا عديدة للجمع، انظرها في الفتح (٣/ ١٨٤ - ١٨٥). (٢) بالأصل [عثمان] والصواب هو المثبت. (٣) بالأصل [هما] والصواب هو المثبت. (٤) بالأصل [ليعذ] والتصويب من مطبوعة المسند.