فوليها موسى بن كعب بن عيينة ابن عائشة أبو عيينة من تميم، من قبل أبي جعفر المنصور - وكان أحد نقباء بني العبّاس - فدخلها لأربع عشرة بقيت من ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين ومائة، على صلاتها وخراجها. ونزل العسكر وبها النّاس من الجند يغدون ويروحون إليه كما كانوا يفعلون بالأمراء قبله، فانتهوا عنه حتى لم يكن أحد يلزم بابه (١).
وكان قد اتّهم في خراسان بأمر أبي مسلم، فأمر به أسد بن عبد اللّه البجلي، والي خراسان، فألجم بلجام، ثم كسرت أسنانه، فكان يقول بمصر: كانت لنا أسنان وليس عندنا خبز، فلمّا جاء الخبز ذهبت الأسنان.
وكتب إليه أبو جعفر: «إنّي عزلتك من غير سخط (a)، ولكن بلغني أنّ عاملا (b) يقتل بمصر يقال له موسى، فكرهت أن تكونه»، فكان ذلك موسى بن مصعب زمن المهدي، كما يأتي إن شاء اللّه تعالى. فولي موسى بن كعب سبعة أشهر، وصرف في ذي القعدة، واستخلف على الجند خالد (c) بن حبيب، وعلى الخراج نوفل بن الفرات، وخرج لستّ بقين منه (٢).
فولي محمّد بن الأشعث بن عقبة الخزاعيّ من قبل أبي جعفر، على الصّلاة والخراج، وقدم لخمس خلون من ذي الحجّة سنة إحدى وأربعين ومائة. وبعث أبو جعفر إلى نوفل بن الفرات «أن اعرض على محمد بن الأشعث ضمان خراج مصر، فإن ضمنه فأشهد عليه وأشخص إليّ، وإن أبى فاعمل على الخراج». فعرض عليه ذلك فأبى، فانتقل نوفل بالدّواوين [إلى دار الرّمل] (d)، فافتقد ابن الأشعث النّاس، فقيل له «هم عند صاحب الخراج»، فندم على تسليمه؛ وعقد على جيش بعث به إلى المغرب لحرب (e) فانهزم (٣).
وخرج ابن الأشعث يوم الأضحى سنة اثنتين وأربعين، وتوجّه إلى الإسكندرية، واستخلف محمد بن معاوية بن بحير بن ريسان (f) صاحب شرطته. ثم صرف ابن الأشعث، فكانت ولايته سنة وشهرا (٤).
(a) بولاق: سخطة. (b) بولاق: غلاما. (c) بولاق: ابن خاله. (d) بولاق والأصل: الدواوين والمثبت من الكندي. (e) بولاق: لحربه. (f) بولاق: بجير بن رسان. (١) الكندي: ولاة مصر ١٢٨. (٢) نفسه ١٢٩. (٣) نفسه ١٣٠ - ١٣١. (٤) نفسه ١٣١.