فقال: اذهب فأتني بهذين، فجئته بهما، فقال: من أنتما، ومن أين أنتما؟ فقالا: من أهل الطائف، قال: لو كنتما من أهل المدينة/لأوجعتكما، ترفعان أصواتكما في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم».
وعن ابن حميد قال: «ناظر أبو جعفر أمير المؤمنين مالكا رحمه الله في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له مالك: يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في هذا المسجد، فإن الله عز وجل أدّب قوما فقال {لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ}(١) الآية، ومدح قوما فقال:{إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ}(٢) الآية، وذمّ قوما فقال:{إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ}(٣) الآية، وإن حرمته ميتا كحرمته حيا، فاستكان لها أبو جعفر وقال: يا أبا عبد الله أستقبل القبلة وأدعو أم أستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأدعو؟ فقال له مالك رحمه الله: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى الله عز وجل إلى يوم القيامة» (٤).
وعن عبد العزيز بن أبي حازم، ونوفل بن عمارة قالوا: «ان عائشة كانت تسمع صوت الوتد يوتد والمسمار يضرب في بعض الدور المطنبة بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فترسل إليهم: لا تؤذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وما عمل عليّ رضي الله عنه مصراعي داره إلا بالمناصع (٥) /توقيا لذلك» (٦).
(١) سورة الحجرات آية (٢). (٢) سورة الحجرات آية (٣). (٣) سورة الحجرات آية (٤). (٤) عزاه القاضي عياض في الشفا ٢/ ٣٢ لابن حميد، وذكره المطري في التعريف ص ٢٥ - ٢٦، والمراغي في تحقيق النصرة ص ١٠٦، وابن الضياء في تاريخ مكة ص ٢٥٨. (٥) نهاية المفقود من مصورة الحرم المكي «الأصل». (٦) أخرجه ابن النجار في الدرة ٢/ ٣٨٧ عن عبد العزيز بن أبي حازم، والمراغي في تحقيق النصرة ص ١٠٧.