وليس كلُّ خلافٍ جاء مُعْتَبراً ... إلا خلافاً له حظٌّ مِنَ النَّظَرِ (١)
الأمر الخامس: قول العالم الرباني فيما لا يعلم: اللَّه أعلم نصف العلم.
مما يدل على خشية العالم لله - عز وجل - أن يردّ علم ما لا يعلمه إلى اللَّه، أو يقول: لا أدري، وقد ثبت عن الصحابة، والتابعين من هذا كثير، ومن ذلك ما يأتي:
١ - قال عبد اللَّه بن مسعود - رضي الله عنه -: ((يا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ عَلِمَ شَيْئاً فَلْيَقُلْ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ، فَلْيَقُلْ: اللَّه أعْلَمُ؛ فَإنَّ مِنَ العِلْمِ أَنْ يَقُولَ لِمَا لاَ يَعْلَمُ: اللَّه أعْلَمُ)). قالَ اللَّه
تَعَالَى لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم -: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِين}(٢))) (٣).
٢ - قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: ((من عَلِمَ علماً فليقل به، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم؛ فإن من فقه الرجل أن يقول لما لا علم له به: الله أعلم)) (٤).
٣ - قال عبد اللَّه بن مسعود - رضي الله عنه - أيضاً:((إن من يُفتي في كل ما يستفتونه لمجنون)) (٥).
٤ - سُئل سعيد بن جبير عن شيء فقال:((لا أعلم))، ثم قال:((ويل للذي يقول لما لا يعلم: إني أعلم)) (٦).
٥ - قال مالك: ((ينبغي للعالم أن يألف فيما أشكل عليه قول: لا
(١) انظر: فتاوى محمد بن إبراهيم، ٦/ ٤٠، ٩٩. (٢) البخاري، كتاب التفسير، تفسير سورة ص، باب {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ}،٦/ ٣٧،برقم ٤٨٠٩، وتفسير سورة الدخان، باب {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ}،٦/ ٤٦،برقم ٤٨٢٢. (٣) سورة ص، الآية: ٨٦. (٤) البخاري، برقم ٤٨٢١، ومسلم، برقم ٣٩ - ٤١ (٢٧٩٨). (٥) جامع بيان العلم وفضله، لابن عبد البر، ٢/ ٨٤٣. (٦) أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله، ٢/ ٨٣٦، برقم ١٥٦٨.