هذه)) هذا لفظ مسلم، ولفظ البيهقي:((خذوا عني مناسككم لعلّي لا أراكم بعد عامي هذا))،ولفظ النسائي قال جابر: رأيت رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يرمي الجمرة وهو على بعيره، وهو يقول:((يا أيها الناس خذوا مناسككم، فإني لا أدري لعلّي لا أحج بعد عامي هذا)) (١)،ولفظ ابن ماجه:(( ... لتأخذ أمتي نسكها فإني لا أدري لعلي لا ألقاها بعد عامي هذا)) (٢).
قال الإمام النووي رحمه اللَّه:((لتأخذوا مناسككم ... )) فهذه اللام لام الأمر، ومعناه خذوا مناسككم، وهكذا وقع في رواية غير مسلم، وتقديره: هذه الأمور التي أتيت بها في حجتي: من الأقوال، والأفعال، والهيئات، هي أمور الحج وصفته، وهي مناسككم، فخذوها عني، واقبلوها، واحفظوها، واعملوا بها، وعلِّموها الناس، وهذا الحديث أصل عظيم في مناسك الحج، وهو نحو قوله - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة:((صلوا كما رأيتموني أصلي)) (٣)، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لعلي لا أحج بعد حجتي هذه)) فيه إشارة إلى توديعهم، وإعلامهم بقرب وفاته - صلى الله عليه وسلم -، وحثهم على الاعتناء بالأخذ عنه، وانتهاز الفرصة من ملازمته، وتعلم أمور الدين، وبهذا
سميت حجة الوداع، واللَّه أعلم)) (٤).
الدليل الثالث: حديث ابن عباس رضي اللَّه عنهما، قال: ((كان رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -
(١) مسلم، برقم ١٢٩٧، والبيهقي، ٥/ ١٢٥، والنسائي، برقم ٣٠٦٢. (٢) ابن ماجه، كتاب المناسك، باب الوقوف بجمع، برقم ٣٠٢٣، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، ٣/ ٤٧. (٣) البخاري، كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة وكذلك بعرفة، برقم ٧٨٥. (٤) شرح النووي على صحيح مسلم، ٩/ ٥٠.