وسكوته - صلى الله عليه وسلم - بعد كل سؤال من هذه الأسئلة الثلاثة كان لاستحضار فهومهم؛ وليقبلوا عليه بكلِّيَّتهم؛ وليستشعروا عظمة ما يخبرهم عنه (٢).
وعن عبد اللَّه بن عباس رضي اللَّه عنهما أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس يوم النحر فقال:((يا أيُّها الناس، أيُّ يَوْمٍ هَذا؟)) قالُوا: يَوْمٌ حَرَامٌ، قال:((فَأيُّ بَلَدٍ هَذا؟)) قالُوا: بَلَدٌ حَرَامٌ، قَالَ:((فَأيُّ شَهْرٍ هَذا؟)) قالُوا: شَهْرٌ حَرَامٌ، قال:((فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، في بَلَدِكُمْ هَذَا، في شَهْرِكُمْ هَذَا)) - فأعادها مرارًا - ثم رفع رأسه فقال:((اللَّهمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟ اللَّهمَّ هَلْ بَلَّغْتُ)) قال ابْنُ عَبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما: فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! إنَّها لَوَصِيَّتُهُ إلى أمَّتِهِ، ((فَلَيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ)) (٣).
وعن ابن عمر رضي اللَّه عنهما قال:((وقف النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حجَّ بها، وقال: ((هذا يوم الحجِّ الأكبر))، وطَفِق (٤) النبي - صلى الله عليه وسلم -
يقول:((اللَّهمّ اشْهَدْ))، وودَّع الناس فقالوا: هذه حجة الوداع)) (٥).
(١) متفق عليه: البخاري، كتاب العلم، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((رُبَّ مبلغ أوعى من سامع))، برقم ٦٧، وأطرافه في البخاري: ١٠٥، ١٧٤١، ٣١٩٧، ٤٤٠٦، ٤٦٦٢، ٥٥٥٠، ٧٠٧٨، ٧٤٤٧، ومسلم، كتاب القسامة، باب تغليظ تحريم الدماء، برقم ١٦٧٩، والألفاظ من هذه المواضع. (٢) انظر: فتح الباري، ١/ ١٥٩. (٣) البخاري، كتاب الحج، باب الخطبة أيام منى، برقم ١٧٣٩، وطرفه، برقم ٧٠٧٩. (٤) طفق: جعل وشرع يقول. (٥) البخاري، كتاب الحج، باب الخطبة أيام منى، برقم ١٧٤٢.