وعن نافع عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما قال:((لما فُتِحَ هذان المِصْرَان (١) أتوا عمر فقالوا: يا أمير المؤمنين إن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - حدَّ لأهل نجد قرناً، وهو جور عن طريقنا (٢)، وإنَّا إن أردنا قرناً شقَّ علينا، قال: فانظروا حذوها (٣) من طريقكم فحدَّ لهم ذات عرق)) (٤).
ولم يبلغ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حديث عائشة، ولا حديث جابر، ولا حديث الحارث بن عمرو السهمي في تحديد النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات عرق لأهل العراق، فحدد - رضي الله عنه - لأهل العراق ذات عرق، وهذا من اجتهاداته الكثيرة التي وافق فيها السنة (٥).
وسمعت شيخنا ابن باز رحمه اللَّه يقول:((جاء أهل البصرة إلى عمر - رضي الله عنه - فوقَّت لهم ذات عرق وهو لم يبلغه الحديث، وهو موفّقٌ - رضي الله عنه -، له
اجتهادات كثيرة وافق فيها السنة)) (٦).
(١) المراد بالمصرين: الكوفة والبصرة، وهما سرَّتا العراق. فتح الباري لابن حجر، ٣/ ٣٨٩، وجامع الأصول لابن الأثير، ٣/ ١٨. (٢) جور عن طريقنا: أي مائل عن طريقنا الذي نسلكه ونقصده. انظر: فتح الباري لابن حجر، ٣/ ٣٨٩، وجامع الأصول، ٣/ ١٨. (٣) انظروا حذوها: اعتبروا ما يقابل الميقات من الأرض التي تسلكونها من غير ميلٍ، فاجعلوه ميقاتاً. [فتح الباري لابن حجر، ٣/ ٣٨٩]. (٤) البخاري، كتاب الحج، باب ذات عرق لأهل العراق، برقم ١٥٣١. (٥) انظر: فتح الباري لابن حجر، ٣/ ٣٨٩. (٦) سمعته رحمه اللَّه أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم ١٥٣١، وقال العلامة الشنقيطي رحمه اللَّه: ((وأما الميقات الخامس الذي اختلف العلماء فيه، هل وقَّته رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - أو وقته عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، فهو: ذات عرق لأهل العراق، فقال بعض أهل العلم: توقيت ذات عرق لأهل العراق من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال بعضهم بتوقيت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -))، ثم ذكر رحمه اللَّه أدلة كل فريق، ثم قال: ((أظهر القولين عندي دليلاً أن ذات عرق وقتها النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهل العراق)). أضواء البيان، ٥/ ٣١٩ - ٣٢٦.