كيسانَ، عن أبي حازمٍ، عن أبي هريرة، قال: بينَما أبو بكر وعمر ﵄ جالسان، إذ جاء النبي ﷺ، فقال:"ما أجلَسكما هاهنا؟ ". [قالا: الجوع](١).
قال:"والذي بَعثني بالحقِّ، ما أخرجنى غيرُه". فانطلقوا حتى أتَوا بيت رجلٍ من الأنصارِ، فاستقبلتهم المرأةُ، فقال لها النبي ﷺ:"أينَ فلانٌ؟ ". فقالت: ذهَب يستعذبُ لنا ماءً. فجاء صاحبهم يحملُ قربته، فقال: مرحبا، ما زار العباد شيءٌ أفضلُ من شيءٍ زارني اليوم. فعلَّق قربته بكرب (٢) نخلةٍ، وانطلق فجاءهم بعذقٍ، فقال النبي ﷺ:"ألا كنتَ اجتَنَيْتَ؟ ". فقال: أحببتُ أن تكونوا الذين تختارون على أعينِكم. ثم أخذ الشَّفرةَ، فقال النبي ﷺ:"إياكَ والحَلُوبَ". فذبَح لهم يومئذٍ فأكَلوا، فقال النبي ﷺ:"لتُسْألُنَّ عن هذا يوم القيامةِ، أخرَجكم من بيوتكم الجوعُ، فلم ترجِعوا حتى أصَبْتُم هذا، فهذا من النعيم"(٣).
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يحيى بن أبى بكيرٍ، قال: ثنا شيبانُ بنُ عبد الرحمن، عن عبد الملكِ بن عُمَيرٍ، عن أبي سَلَمةَ، عن أبي هريرة، قال: قال النبي ﷺ لأبي بكر وعمر: "انطَلِقوا بنا إلى أبى الهيثم بن التَّيِّهانِ الأنصاريِ". فأتَوه، فانطلق بهم إلى ظلِّ حديقته، فبسط لهم بساطًا، ثم انطلق إلى نخلة، فجاء بقِنْوٍ، فقال رسولُ اللهِ ﷺ:"فهَلا تنقَّيتَ لنا من رُطَبِه؟ ". فقال: أردتُ أن تَخَيَّروا (٤) من رطبه ويُسره. فأكلوا وشربوا من الماء، فلما فرَغ رسول الله ﷺ، قال: "هذا والذي نفسي بيده من النعيم الذي أنتم فيه مسئولون عنه يوم القيامة، هذا الظلُّ
(١) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣. (٢) كرب النخل: أصول السعف. اللسان (ك ر ب). (٣) ذكره ابن كثير في تفسير ٨/ ٤٩٥ عن المصنف، وأخرجه مسلم (٢٠٣٨)، وابن ماجه (٣١٨٠) مختصرًا، والبيهقى في الشعب (٤٦٠٢) من طريق يزيد بن كيسان به. (٤) في ص، ت ١: "تخير"، وفى ت ٢، ت ٣: "تتخير".