قولَه: ﴿فَعَقَرُوهَا﴾ جوابٌ لقولِه: ﴿إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا﴾. فكأنه قيل: إذ انبعَث أشقاها فعقَرها. [وإن أَشكَل على مُشْكَلٍ عليه معنى قولِه: ﴿فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا﴾](١). فقال: وكيف قيل: ﴿فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا﴾. وقد كان القومُ قبلَ قتلِ الناقةِ مُسلِّمين لها شِرْبَ يومٍ ولهم شربَ يومٍ آخرَ؟ قيل: جاء الخبرُ أنهم بعدَ تسليمِهم ذلك أجمَعوا على منعِها الشِّرْبَ ورضُوا بقتلِها، وعن رضا جميعِهم قَتَلها قاتلَها وعقَرها مَن عقَرها؛ ولذلك نُسِب التكذيبُ والعَقْرُ إلى جميعِهم، فقال جلَّ ثناؤُه: ﴿فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا﴾.
وقولُه: ﴿فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: فدمَّر (٢) عليهم ربُّهم، [وذلك](٣) بكفرِهم به، وتكذيبِهم رسولهَ صالحًا، وعَقْرِهم ناقتَه، ﴿فَسَوَّاهَا﴾. يقولُ: فسوَّى الدَّمْدَمةَ عليهم جميعًا، فلم يُفْلِتْ منهم أحدٌ.
كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا﴾: ذُكِر لنا أن أُحَيمِرَ ثمودَ أبَى أن يعقِرَها حتى تابِعه (٤) صغيرُهم وكبيرُهم، [وذكَرُهم](٥) وأنثاهم، فلما اشترَك القومُ في عَقْرِها دَمْدَمَ اللهُ عليهم بذنبِهم فسوَّاها (٦).
حدَّثني بشرُ بنُ آدمَ، قال: ثنا أبو (٧) قُتيبةَ، قال: ثنا أبو هلالٍ، قال: سمِعتُ
(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣. (٢) في الأصل: "فدمدم". (٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بذنبهم ذلك". (٤) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بايعه". (٥) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣. (٦) تقدم تخريجه في الصفحة السابقة. (٧) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣. وينظر ما تقدم في ٢٠/ ١٠٨.