قوله:{وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ} وفيه أنه جعل النشأة في النعمة والزينة من المعايب والمذام وأنه من صفات ربات الحجال؛ فعلى الرجل أن يتبرأ من هذه الصفة وتمثيل قول عمر:
"اخشوشنوا"(١) أي: كونوا في عيش خشن؛ في المأكل والملبس. جمعوا بين ثلاثة أمور منكرة: أن جعلوا لله ولدا، وجعلوه من أخس الفريقين وهم الإناث، وسبوا الملائكة فجعلوهم إناثا.
ومعنى {جَعَلُوا} سموا، ولم يصيّر لله بنات؛ كقوله:{جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ}(٢) وقوله: {أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ} تهكم لأن العلم إنما يكون بالصيرورات أو بالنظريات، وهذا ليس بواحد منهما فلم يبق إلا أن يكون مشاهدا، فتهكم بهم بقوله:{أَشَهِدُوا}.
{سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ} بما ذكر من غير مستند، وقد أضافوا إلى ما سبق عبادتهم الملائكة (٢٥٠ /أ) ودعواهم أن ذلك وقع بمشيئة الله، ولا يقع شيء في الوجود إلا بمشيئة الله؛ ولكن لا يجوز الاحتجاج على الله بمشيئة؛ فالغلط وقع بالاحتجاج بالمشيئة لا بنفس المشيئة.
{يَخْرُصُونَ} يكذبون {أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ} من قبل القرآن شهد بصحة ما قالوه.
ثم ذكر استناد عقائدهم إلى عقائد آبائهم بقوله:{بَلْ قالُوا إِنّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ} أي على دين انفردوا به. و {عَلى آثارِهِمْ} و {مُهْتَدُونَ} خبران، أو الظرف صلة لا "مهتدون". {مُتْرَفُوها} الذين أبطرتهم النعمة فلا يحبون إلا الشهوات. أي: أتتبعون
(١) رواه الطبري في تفسيره (٢/ ١٧٨). (٢) سورة الحجر، الآية (٩١).