فنضرب عنكم الذكر؟ و {صَفْحاً} على وجهين؛ إما مصدر من: صفح عنه؛ إذا أعرض، منتصب على أنه مفعول له، على معنى: أفنعزل عنكم إنزال القرآن وإلزام الحجة به إعراضا عنكم؟ وإما بمعنى الجانب كقولك: نظر إليه بصفح وجهه؛ بمعنى: أفننحيه جانبا؟ فينتصب على الظرف. {أَنْ كُنْتُمْ} لأن كنتم. فإن قلت: كيف استقام قراءة من قرأ: "إن كنتم" على الشرط (١) وقد كانوا مسرفين حقا؟ قلت: هو من الشرط الذي ذكرت أنه يصدر عن الحال؛ تقول: إن كنت قد عملت لك اليوم فأعطني حقي وهو عالم أنه قد عمل، ولكنه تحيل في كلامه أن هذا المطل يقتضي أنك شاك في أنني قد عملت لك.
{وَما يَأْتِيهِمْ} حكاية حال ماضية مستمرة، وهذه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن استهزاء قومه. الضمير في قوله:{أَشَدَّ مِنْهُمْ} للمسرفين {وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ} أي: قد سبق ذكر المهلكين وتكذيبهم وعقوبتهم.
فإن قلت: قوله {لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} وما سرد (٢٤٩ /أ) من الأوصاف عقيبه إن كان من قولهم؛ فما تصنع بقوله:{فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ تُخْرَجُونَ؟} وإن كان من قول الله؛ فما وجهه؟ قلت: هو من قول الله تعالى لا من قولهم، ومعنى قوله:
{لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} لينسبن خلقها إلى الذي هذه أوصافه، وليسندنه إليه
{بِقَدَرٍ} بمقدار يسلم معه العباد والبلاد ولم يكن طوفانا. والأزواج: الأصناف.
قوله:{تَرْكَبُونَ} يقال ركبت الدابة وركبت عليها، وغلب هاهنا المتعدى بنفسه؛ لأنه أقوى، ومعنى ذكر نعمة الله ذكرها بالتعظيم والثناء على معطيها بالقلب ويقرن ذلك بالعمل شكرا لله.