{الْكِتابِ} القرآن، "ومن" للتبيين أو للجنس. {مُصَدِّقاً} حال مؤكدة؛ لأن الصدق لا ينفك عنه. {لِما بَيْنَ يَدَيْهِ} لما تقدمه من الكتب {ثُمَّ أَوْرَثْنَا} يعني: أورثناك الكتاب ثم أعلمناك أنا نورثه بعدك للعلماء بالقرآن. {الَّذِينَ اصْطَفَيْنا} هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله اصطفاهم على سائر الأمم ثم قسمهم إلى {ظالِمٌ لِنَفْسِهِ} وهو المرجأ لأمر الله، و {مُقْتَصِدٌ} وهو الذي خلط (٢٠٩ /ب) عملا صالحا وآخر سيئا، و {سابِقٌ} من السابقين، وإنما قدم الظالم على بقية الأصناف؛ لأنهم أكثر الخلق. {وَلُؤْلُؤاً} معطوف على محل {مِنْ أَساوِرَ} و "من" للتبعيض، أي: يحلون بعض أساور من ذهب.
وقيل: إن ذلك الذهب في صفاء اللؤلؤ. {أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} هو مثل قوله: {قالُوا إِنّا كُنّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ}(١). وقيل: هو حزن الأعراض والآفات. وقيل: حزن الموت.
وقيل: حزن إبليس ووسوسته. وقيل: همّ المعاش. وقيل: حزن زوال النعم، وقد أكثروا حتى قالوا: كراء البيت. وتأويله: لا يحزنهم شيء وإن قل حتى كراء البيت. وفي الحديث:"ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم، ولا في محشرهم، ويؤتى بأهل لا إله إلا الله فيخرجون من قبورهم، وينفضون التراب عن وجوههم، ويقولون: الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن"(٢).
{لَغَفُورٌ شَكُورٌ} دليل على كثرة حسناتهم. {الْمُقامَةِ} الإقامة، يقال: أقمت إقامة ومقاما ومقامة. {لُغُوبٌ} تعب وإعياء. وقرئ:{لُغُوبٌ} بالفتح (٣) إما مصدر كالقبول
(١) سورة الطور، الآية (٢٦). (٢) رواه الطبراني في المعجم الأوسط رقم (٩٤٤٥)، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (١٠/ ٨٥ - ٨٦)، ونسبه للطبراني في الأوسط من حديث ابن عمر. وقال الهيثمي: وفيه يحيى الحماني وهو ضعيف. وضعفه الشيخ الألباني في ضعيف الجامع رقم (٤٨٩٨). (٣) قرأ بها علي بن أبي طالب والسلمي وسعيد بن جبير. تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان -