الليل والبحر وبطن الحوت. وقيل: إن حوتا ابتلع الحوت الذي فيه يونس، وأجاز الماوردي (١) أن يراد ظلمة الخطيئة والشدة والوحدة، لكن فيه حمل المشترك على معانيه، وهو لا يجوز (١٢٩ /أ) على المختار ولم يكن ابتلاء يونس عقوبة؛ لأن الأنبياء لا يجوز أن يعاقبوا، بل كان تأديبا، وقد يؤدب من لا عقاب عليه، واستجابة الداعي ثواب من الله للداعي.
قوله - تعالى:{وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ} قيل: هو من ظلمة الخطيئة، وقيل: من غمّ بطن الحوت، وروي أن الله - تعالى - أوحى إلى الحوت ألا يكسر له عظما ولا يخدش له جلدا، وأني جعلت حبسه تأديبا، وجعلت بطنك محبسا له، ولم أجعله غذاء لك (٢).
قيل: أقام في بطنه أربعين يوما (٣). وقيل: ثلاثة أيام. وقيل: من ارتفاع النهار إلى آخره (٤). وقيل: أربع ساعات (٥). قوله - تعالى:{وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ} قيل: كانت عاقرا فصارت ولودا. وقيل: كانت سيئة الخلق فحسّن الله خلقها له. {يُسارِعُونَ} يبادرون {رَغَباً} في ثوابنا {وَرَهَباً} من عقابنا. وقيل:{رَغَباً} ببطون الأكف، و {وَرَهَباً} بظهورها، ويحتمل: رغبة في الخير واستدفاعا للشر، قاله الماورديّ (٦).
{خاشِعِينَ} متواضعين. وقيل: هو وضع اليمين على الشمال والنظر إلى موضع
(١) ينظر: النكت والعيون للماوردي (٣/ ٥٩). (٢) ذكره الماوردي في النكت والعيون (٣/ ٥٨). (٣) رواه الطبري في تفسيره (٢٣/ ١٠١) ونسبه السيوطي في الدر المنثور (٧/ ١٢٧) لابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن السدي عن أبي مالك. (٤) رواه ابن أبي حاتم في تفسير (١٠/ ٣٢٢٩)، ونسبه السيوطي في الدر المنثور (٧/ ١٢٧) لعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم عن الشعبي قال: "التقمه الحوت ضحى ولفظه عشية ما بات في بطنه". (٥) ذكر بقية الأقوال الماوردي في النكت والعيون للماوردي (٣/ ٥٨ - ٥٩). (٦) ينظر: النكت والعيون للماوردي (٣/ ٥٩).