{قالُوا} السحرة لفرعون: {لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ} فنترك ما رأينا من الآيات. قيل: إنهم رأوا الجنة والنار في سجدتهم تلك (١). {وَالَّذِي فَطَرَنا} يجوز أن يكون قسما، ويجوز أن يكون معطوفا على قوله:{عَلى ما جاءَنا}{فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ} أي: افعل فينا ما تشاء؛ فإن لنا رجوعا إلى الله يقتض لنا ممن ظلمنا؛ إن مدة تسلطك علينا {هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا}{وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ} روي أن فرعون كان يكره طائفة من الناس على تعلم السحر.
{إِنَّهُ} الهاء ضمير الشأن {مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ} يوم القيامة، ولم يتب فله جهنم {لا يَمُوتُ فِيها} فيستريح {وَلا يَحْيى} حياة تنفعه. وقد قالوا: إن الكافر في الآخرة يجد ألم النزع من جميع أعضائه ولا يموت قال الله - تعالى - فيه:{يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ}(٢){تَجْرِي} من تحت أشجارها {الْأَنْهارُ} أو من تحت غرفها؛ لقوله:{لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ}(٣){طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً}(١٢١ /أ) من مقتضى الدليل أنه إذا انفلق البحر اثني عشر فرقا يكون في قعر كل فرق زلق ووحل، لكن الله - تعالى - جعل موضع الماء صلبا يابسا لا زلق فيه؛ تيسيرا على
(١) ذكره السيوطي في الدر المنثور (٥/ ٥٨٧) ونسبه لابن أبي حاتم عن القاسم بن أبي بزة. (٢) سورة إبراهيم، الآية (١٧). (٣) سورة الزمر، الآية (٢٠).