أشار إلى أن الوفاء بمقتضى الوزن يعسر جدّا، فإن بين الحبتين تفاوتا لا ينضبط وكذلك الكيل، فيعفى عما لا يتأتى ضبطه، من ذلك نبه على ذلك بقوله:{لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها} قوله: {ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ} أتى ب «ثم» ليدل على تفاوت الرتب؛ فإن إيتاء موسى الكتاب يتضمن من المصالح والحكم أكثر مما تضمنته هذه الآيات الثلاث {تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ} موسى في عبادة ربه. وقيل: على الذي أحسن الله إليه بتوفيقه لها. وفي الشاذ {تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ} بضم النون (١) أي: تماما على الذي هو أحسن {وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ} يحتاج إليه.
وقوله:{مُبارَكٌ} أي: مبارك فيه، تقول: باركك الله، ويدل عليه قوله:{أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النّارِ وَمَنْ حَوْلَها}(٢) وقياس: بارك الله فيك أن تقول: بورك فيمن في النار، وفيمن حولها. {أَنْ تَقُولُوا} أي: كراهة أن تقولوا. وقيل: لئلا تقولوا، والمراد بالكتاب: التوراة والإنجيل {لَوْ أَنّا} أي: لو ثبت لنا؛ فإن «لو» تطلب الفعل، وأن في موضع رفع بالفاعلية، والفاء في قوله:{فَقَدْ جاءَكُمْ} مثلها في قول الشاعر [من البسيط]:
قالوا خراسان أقصى ما يراد بنا ... ثمّ القفول فقد جئنا خراسانا (٣)
(١) قرأ بها الحسن والأعمش ويحيى بن وثاب وابن أبي إسحاق. تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٤/ ٢٥٥)، تفسير القرطبي (٧/ ١٤٢)، الدر المصون للسمين الحلبي (٣/ ٢٢١)، الكشاف للزمخشري (٢/ ٤٩)، المحتسب لابن جني (١/ ٢٣٤)، معاني القرآن للفراء (١/ ٣٦٥). (٢) سورة النمل، الآية (٨). (٣) تقدم عند تفسير سورة المائدة، الآية (١٩).