وإلا فقد شج وجهه، وكسرت رباعيته صلّى الله عليه وسلم.
{قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ} أي: لستم على شيء من الدين {حَتّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} تلاوة وعملا. {فَلا تَأْسَ} فلا تحزن. وإذا عطف على اسم «فلا تأس» فلا تحزن. وإذا عطف على اسم «إن» بعد استيفاء الخبر، جاز النصب والرفع؛ كقولك: إن زيدا قائم وعمرا وعمرو، فأما قبل استيفاء الخبر فالنصب أرجح، والرفع قليل، ومنه هذه الآية {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصّابِئُونَ} وأنشد سيبويه [من الوافر]:
وإلا فاعلموا إنّا وأنتم ... بغاة ما بقينا في شقاق (١)
والقياس على اللغة الفصيحة: إنا وإياكم (٢). {فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} فيما يستقبل. {وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} على ما مضى. {أَلاّ تَكُونَ فِتْنَةٌ} قرئ بالرفع والنصب (٣).
وإذا وقع قبل «أن لا» فعل يقين تعين الرفع، وتكون مخففة من الثقيلة؛ كقوله:{أَفَلا يَرَوْنَ أَلاّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً}(٤). وإن كان قبلها فعل خوف أو طمع وجب النصب؛ كقوله:
{إِلاّ أَنْ يَخافا أَلاّ يُقِيما حُدُودَ اللهِ}(٥) وإن كان قبلها فعل ظن وحسبان ففيه قولان؛ كهذه الآية. {اُعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ} أمرهم بعبادة الله دونه وجعله ربه وهو ضد ما تقوله النصارى.
(١) البيت لبشر بن أبي خازم ينظر في: الإنصاف لابن الأنباري (١/ ١٧٥)، خزانة الأدب للبغدادي (٢٩٧، ١٠/ ٢٩٣)، ديوان بشر بن أبي خازم (ص: ١٦٥)، شرح أبيات سيبويه (٢/ ١٤)، شرح التصريح (١/ ٢٢٨)، الكتاب لسيبويه (٢/ ١٥٦)، المقاصد النحوية (٢/ ٢٧١)، وبلا نسبة في: أسرار العربية لابن الأنباري (ص: ١٥٤)، شرح المفصل لابن يعيش (٨/ ٦٩). (٢) ذهب البصريون إلى عدم جواز العطف على موضع اسم «إنّ» قبل تمام الخبر، بخلاف الكوفيين الذين يجوزون ذلك. تنظر المسألة في: الإنصاف في مسائل الخلاف لابن الأنباري (١/ ١٧٥)، أوضح المسالك لابن هشام (١/ ٣٥١). (٣) قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وخلف ويعقوب «تكون»، وقرأ باقي العشرة «تكون». تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٣/ ٥٣٣)، الحجة لابن خالويه (ص: ١٣٤، ١٣٣)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٢٣٣)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٢٤٧)، الكشاف للزمخشري (١/ ٣٥٥)، النشر لابن الجزري (٢/ ٢٥٥). (٤) سورة طه، الآية (٨٩). (٥) سورة البقرة، الآية (٢٢٩).