كبد الرجل كبدا: إذا وضع كبده، قال لبيد [من المنسرح]:
يا عين هلا بكيت أربد إذ ... قمنا وقام الخصوم في كبد (١)
أيحسب أن لا بعث، ولا مجازاة، فيسلم من العقاب في ظنه.
{مالاً لُبَداً} يفتخر (٣٤١ /أ) بكثرة ما أنفق في الأمور التي كان يعدّها أهل الجاهلية مكارم. {وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ} أي: طريقي الخير والشر. وقيل: الثديين.
{فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} أي: فلم يشكر تلك النعم، والمعنى: أن إطعام اليتيم والمسكين، أوفك رقبة من الأسر أو الملك بالعتق، ووقعت "لا" غير مكررة مع الفعل الماضي، وليست بدعاء، وذلك لا يقع إلا قليلا.
ووجهه أنها متكررة في المعنى والتقدير: فلا اقتحم العقبة، ولا أطعم مسكينا، ولا فك رقبة، ألا ترى المعنى: فلا اقتحم العقبة، ولا آمن. والاقتحام: الدخول في الشيء بعنف. قال الحسن: عقبة والله شديدة؛ مجاهدة الإنسان نفسه وشيطانه وهواه وعدوه (٢).
وروي: أن رجلا قال: يا رسول الله؛ دلني على عمل يدخلني الجنة قال:"تعتق النسمة وتفك الرقبة. قال أو ليسا سواء؟ قال: لا؛ إعتاقها: أن تنفرد بعتقها، وفكها: أن تعين في تخليصها من قود أو غرم"(٣).
وقوله:{وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ} اعتراض. ومعناه: لم تدر كنه صعوبتها على النفس، وكنه ثوابها عند الله. والمسغبة والمقربة والمتربة: مفعلات من سغب وقرب وترب.
وترب الرجل: إذا افتقر، كأنه لصق بالتراب من العدم. {ذا مَتْرَبَةٍ} مأواه المزابل، وأتى
(١) ينظر البيت في: البحر المحيط (٨/ ٤٧٣)، الدر المنثور للسيوطي (٨/ ٥٢٠)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٥٢٥)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٧٠٤)، لسان العرب (عدل). (٢) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٧٥٦). (٣) رواه أحمد في المسند (٤/ ٢٩٩)، وابن حبان رقم (٣٧٤)، والحاكم في المستدرك (٢/ ٢١٧).