{أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ} إن أريد به الفرض وحده دخلت فيه زكاة التجارة {وَمِمّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} يدخل فيه زكاة الحبوب والمعادن والركاز (١).
{وَلا تَيَمَّمُوا} أي: ولا تقصدوا {الْخَبِيثَ} ولو كان لك دين على رجل، فقال لك:
هذا مال حلال، وهذا مال حرام، فخذ حقك من أيهما شئت ما كنت تأخذ الحرام وتختاره على الحلال إلا بإغماض (٢) ومسامحة، فكيف تتقرب إلى الله بالصدقة بالحرام {وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ}{الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ} ويخوفكم أن تبذلوا أموالكم في الصدقة {وَيَأْمُرُكُمْ} بالخصلة الفحشاء، وهي البخل ويسمى البخيل فاحشا {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ}[العاديات: ٨] قال طرفة [من الطويل]
أرى الموت يعتام الكريم ويصطفي ... عقيلة مال الفاحش المتشدد (٣)
(١) الركاز: قطع ذهب وفضة تخرج من الأرض أو المعدن. قال أبو عبيد بن سلام: اختلف أهل الحجاز والعراق فقال أهل العراق في الركاز: المعادن كلها فما استخرج منها من شيء فلمستخرجه أربعة أخماسه ولبيت المال الخمس قالوا: وكذلك المال العادي يوجد مدفونا هو مثل المعدن سواء، قالوا: وإنما أصل الركاز: المعدن والمال العادي الذي قد ملكه الناس مشبه بالمعدن. وقال أهل الحجاز: إنما الركاز كنوز الجاهلية وقيل: هو المال المدفون خاصة مما كنزه بنو آدم قبل الإسلام، فأما المعادن فليست بركاز وإنما فيها مثل ما في أموال المسلمين. ينظر: غريب الحديث لابن سلام (١/ ٢٨٤)، لسان العرب (ركز). (٢) الإغماض: المسامحة والمساهلة وغمضت عن فلان: إذا تساهلت عليه في بيع أو شراء. ينظر: لسان العرب (غمض). (٣) ينظر البيت في: روح المعاني للألوسي (٤/ ٦٠)، الشعر والشعراء لابن قتيبة (١٧٢)، شرح ديوان الحماسة للمرزوقي (ص: ١٥٤٥)، غريب الحديث لابن قتيبة (٢/ ٤٢)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٧٨٨)، لسان العرب (شدد).